سوريا.. العقوبات لا تردع ولا تسقط

TT

إذا أردنا أن ننظر للجزء الممتلئ من الكوب في قرارات الجامعة العربية أمس، فيمكن القول إنها قرارات مهمة لأنها من اللحظات النادرة التي تقر بها الجامعة عقوبات على دولة عضو، لكن الأخبار السيئة هنا أن تلك العقوبات لن تردع النظام الأسدي، كما لن تسقطه.

وقد يقول قائل، أو أحد أعضاء الجامعة، ومن قال إن العرب يريدون إسقاط بشار الأسد، فهذه ليست مهمة الجامعة؟ وهنا يتضح الخلل تماما! فالسوريون يقتلون من قبل النظام، ليس لأن هناك خلافا في وجهات النظر بين الشعب والأسد، بل لأن هناك دما، وذلا، وقمعا، وانعداما للشرعية. ويكفي أن يتأمل العرب، وتحديدا المعنيين، مقولة لأحد المواطنين السوريين في حمص الذي علق على قرار العقوبات العربية على النظام الأسدي، والقول إنه يُخشى من أن تؤثر العقوبات على السوريين، وليس النظام، حيث كان رد فعل المواطن السوري هو التالي: «مستعد أن آكل أنا وأولادي التراب من أجل أن يسقط النظام»! هذا هو الحال في سوريا، وعلى الرغم من كل الدعاية الكاذبة التي يقوم بها النظام الأسدي من مظاهرات مؤيدة له، وخلافه، فإنه لو كان هناك تأييد حقيقي له لما استعان النظام بحزب الله والصدريين ومعهم الإيرانيون ضد شعبه، وخصوصا مع تصاعد الانقسامات في الجيش السوري.

ولذا، فمع أهمية إقرار العقوبات العربية على النظام الأسدي تبقى نقطة مهمة جدا وهي أن الأوضاع في سوريا تجاوزت مرحلة العقوبات، وتتطلب ما هو أكثر منها، خصوصا أن القتل والقمع لا يزالان مستمرين من دون انقطاع من قبل النظام الأسدي. ولا يكفي العرب، أو غيرهم، القول إن هناك مخاوف من انزلاق الأوضاع في سوريا إلى حالة حرب، فإذا وصلت الأوضاع في سوريا إلى مواجهات مسلحة حقيقية فإن من يتحمل المسؤولية حينها هو نظام بشار الأسد أولا، وكل من تأخر عن تقديم مد يد العون للمدنيين السوريين ثانيا، وخصوصا أنه قد بات من المستحيل اليوم أن تعود الأمور بسوريا إلى ما كانت عليه، ومهما فعل الأسد، فالسوري الذي يتحدى القمع، والذل، والقتل، طوال هذه الشهور، وعلى الرغم من كل ما يحدث، لم يعد قابلا للنظام، مما يعني أن فرص الأسد الوحيدة هي إما نهاية القذافي، أو بن علي، فقد تجاوز الأسد حتى مرحلة علي عبد الله صالح.

وعليه، فإنه يحسب للعرب اليوم إقرارهم، وبواقع 19 صوتا، العقوبات على نظام الأسد، إلا أن تلك العقوبات لا تكفي كون آلة القتل الأسدية لم تتوقف، كما أنه من المؤكد أن النظام بنفسه سيقود عملية إدارة السوق السوداء بسوريا بعد إقرار هذه العقوبات، كما فعل وقتها نظام صدام حسين إبان العقوبات الدولية، ولا ننسى أن العراق متحفظ على العقوبات العربية، مما يعني أن هناك منفذ تهريب سيعمل ليل نهار على الحدود السورية العراقية، ولذلك فإن أفضل ما يمكن أن يفعله العرب اليوم حماية للسوريين هو نقل المعركة إلى مجلس الأمن.

[email protected]