حوار الغرف المغلقة

TT

كشفت وثيقة سرية من وثائق ويكيليكس صادرة عن السفارة الأميركية بدمشق بتاريخ 03/ 06/ 2009 عن تقييم هذه السفارة الحقيقي للرئيس بشار الأسد.

قالت السفيرة مورا كوناللي في برقيتها لواشنطن «هي برقية طويلة للغاية» عن الرئيس السوري: «لا يتمتع الرئيس بشار بشخصية الداهية السياسية وطول البال الذي كان يتمتع به والده، إنه يستعمل الدبلوماسية ليتجنب أي مواجهة مباشرة حول دور وتصرفات سوريا في المنطقة».

وتضيف السفيرة الأميركية «إن السمة المميزة للدبلوماسية السورية هي استخدام القوة المفرطة، فلا تتردد القيادة السورية في الوصول إلى الحدود القصوى من السوء للوصول إلى مبتغاها، حتى لو وصل ذلك إلى حد التصرفات الوحشية». هنا انتهى الاقتباس من الوثيقة.

هذه القوة، إن كانت تمارس، وهذه الوحشية، إن صدقت لا بد لها من جهة تخطط لها وتديرها. ويتسرب بين الوقت والآخر أنه منذ تولي الرئيس بشار السلطة عام 2000 هناك تنام لدور الحلقة الضيقة المحيطة به، ويتم الحديث وبقوة عن أن الصف الأول من هذه الحلقة يأتي من أبناء الطائفة العلوية الكريمة التي ينتمي إليها الرئيس.

وعلى الرغم من ندرة الدراسات الجادة حول هذا الملف، فإن الدكتور بشير زين العابدين المتخصص في التاريخ السياسي يقدم دراسة جادة قائمة على المعلومات وليس على الشجار السياسي. يتحدث الدكتور بشير عن دور الطائفة العلوية في الجيش السوري فيقول: «تزيد نسبة الضباط العلويين في الجيش السوري عن 95 في المائة»، ويعطي أمثلة فيقول «إن نسبة الضباط العلويين في اللواء 47 المدرع تبلغ 70 في المائة، وفي اللواء الميكانيكي رقم 21 تصل إلى 80 في المائة، وتبلغ نسبتهم في سرايا الدفاع (حماية أمن النظام) فتبلغ 90 في المائة، وعندما تم حلها تم إدماجها بنفس النسبة في الحرس الجمهوري».

ويقدم لنا الدكتور بشير في دراسته قائمة بأهم المناصب في الجيش السوري من الذين يتبعون الطائفة العلوية، وتؤكد هذه القائمة أن «بيت الأسد» أو أقاربه أو أصهاره أو أبناء المنطقة التي ينتمي لها أو أبناء الطائفة يمثلون أكثر من 90 في المائة من تلك المراكز الحساسة أمنيا.

وتكشف وثائق ويكيليكس أن وفدا من الكونغرس الأميركي زار الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق بتاريخ 18 فبراير (شباط) 2009. وكان يرأس الوفد الأميركي السيناتور كاردين، ينتمي للحزب الديمقراطي وهو يهودي من أصل روسي ومن أكثر أعضاء حزبه دفاعا عن مصالح إسرائيل، وقال الأسد في هذا الاجتماع:

«نحن ماضون في الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان»، وقال «إن هناك 12 مواطنا سوريا فقط من ضمن 20 مليون مواطن ينتمون لإعلان دمشق!».

«واعتبر الرئيس السوري - في هذا اللقاء - نفسه رئيسا يتمتع بشعبية كبيرة، فإذا كان يعمل ضد شعبه لما حظي بهذه الشعبية (!)»، ثم أضاف «لا تقلقوا على حقوق الإنسان في سوريا.. نحن ماضون قدما».

وقال الأسد في هذا الاجتماع: «إن هناك مصالح مشتركة بين دمشق وواشنطن، منها السلام والقضاء على الإرهاب»، وأضاف الأسد «أن سوريا كانت السباقة في القضاء على الإرهاب حين قضت على الإخوان المسلمين عام 1982». انتهى كلام الأسد حسب الوثيقة الأميركية.

الرجاء إعادة قراءة كلام الرئيس السوري في الغرف المغلقة ومقارنته بالواقع الحالي في سوريا لنعرف حجم وطبيعة هذا النظام.