لا داعي لأي قلق

TT

يشعر الكثير من الليبراليين والعلمانيين واليساريين بقلق شديد حيال وصول الإسلاميين لمراكز السلطة والهيمنة. حتى الخبراء والمسؤولون الإسرائيليون وقعوا في بوتقة هذا القلق، مما يدل على أنهم، على الرغم من كل ما لديهم من دراسات، فإنهم ما زالوا عاجزين عن فهمنا. ولا ألومهم على ذلك، فلا أحد يستطيع فهمنا، ولا حتى نحن أنفسنا.

ولأجل أن أطمئن الجميع، بمن فيهم بنو إسرائيل، أبادر إلى القول إنه لا داعي مطلقا للقلق. هناك شيء واحد أستطيع أن أفهمه فينا ويجعلني أتفاءل من المستقبل، هذا الشيء هو أننا أمة أقوال لا أمة أفعال. وفي تاريخنا المعاصر ما يكفي لإقناعنا بأن كل هذه الأحزاب والمنظمات التي ظهرت على مسرح السياسة العربية منذ أن أصبح بشارة واكيم نجما سينمائيا عندنا، لم تكن تعني ما تقول ولم تنفذ أي شيء من برامجها. كلها، من أولها إلى آخرها، عركة على الكعكة. سادة غمرهم الطموح والطمع والشهرة والتسلط على الآخرين. الغرض الرئيسي الوصول للسلطة وانتزاع الحكم من الآخرين. عركة على كعكة. حالما يتسلمون الحكم يبدأون بتوزيع المناصب والمكاسب على ذويهم، إخوانهم وأولاد عمهم وإخوان نسوانهم وأولاد عم نسوانهم. ويتقلص برنامج الحزب إلى ثلاث كلمات: الأقربون أولى بالمعروف، لكنهم لا يتجاهلون أصحابهم كليا، لا سيما من ساعدوهم على الوصول إلى الحكم. يعطونهم ما يستحقون من الكعكة. وكله كما جرى في السودان.

تأتي بعد ذلك المرحلة التجميلية (الكوزمتك)، بالنسبة للأحزاب الإسلامية تضاعف حصة تلاوة القرآن الكريم والبث المباشر من الجوامع، يباشر السذج والأجراء الهجوم على حانات الخمر وتكسير قناني الويسكي والعرق ونهب أثاث النوادي الليلية والكباريهات ومضايقة كل من تمشي في الشارع من دون حجاب أو لابسة تنورة فوق الركبة. تصاحب ذلك كله طبعا عمليات الثأر وتصفية الحساب مع كل من وقف في طريقهم وآذاهم أو كتب شيئا يعتبرونه كفرا وارتدادا عن الدين أو دفاعا عن الغربيين الصليبيين. الطيبون منهم سيحملون سلال الخبز لتوزيعه على الداخلين إلى المساجد والخارجين من المقابر.

تمر الأشهر والأعوام وتبدأ الفلوس بإغراء السادة الكرام، ويتعلمون كيف يتفادون تطبيق الشريعة وينجحون في جمع الفلوس وتهريبها، وينقلب المناضلون إلى «حرامية» شأن من سبقهم.

ماذا عن برامجهم ووعودهم؟ اقرأ يا سيدي ما بدأت به أعلاه. أمة أقوال لا أمة أفعال، لكنني لن ألومهم، فسرعان ما سيجدون أنهم مكبلون بالوقائع الموضوعية. كيف يحررون فلسطين أو يتحرشون بإسرائيل؟ كيف يغلقون النوادي الليلية والكازينوهات والكباريهات ويحرمون الخمر والعري واقتصادهم يعتمد على السياح الغربيين؟ كيف يرجمون الزانية والبغاء هو لقمة الخبز للكثير من النساء والعوائل العاطلة؟ كيف يقفون في وجه الصليبيين وهم في حاجة لبنوكهم ليودعوا فيها سرقاتهم؟

لا تقلقوا منهم ولا عليهم، اطمئنوا إلى ذلك، سرعان ما سيتأقلمون على الحكم الفاشل ويتعلمون كيف يفشلون وطنيا ويلعنون الشيطان حيثما فشلوا ويغتنون شخصيا ويشكرون الله كلما كسبوا.