الغوريلا المسالم

TT

ذكر (الغوريلا) من أعجب الحيوانات، فهو رغم ضخامة جسمه الذي يصل وزنه إلى أكثر من 200 كيلو، ورغم قوته الهائلة التي يستطيع بها أن يقتل الإنسان بضمة واحدة بين يديه، فإنه يكاد يكون (نمرا من ورق) مثلما يقولون، ليس لأنه جبان؛ ولكن لأنه يحاول أن يتفادى أي معركة بقدر ما يستطيع، إلى درجة أنه لو تصدى له أحدهم حتى لو كان طفلا صغيرا، فإنه يرد عليه أولا بالتحذير غير المباشر، بأن يقطع أوراق الأشجار ويرميها عليه، وإذا تمادى في استفزازه، أخذ يكسر الأغصان ويرميها عليه، وإذا لم يرتدع واستمر في تماديه وتحديه، فإنه يقرع على صدره كما يقرع على الطبل ويبرز أنيابه ويزأر زئيرا مرعبا لعله يلقي الرعب في نفس خصمه ويفهمه أنه قادر على مجابهته ولكنه لا يريد، أما إذا عيل صبره بعد كل هذه التحذيرات، فالويل لمن يواجهه، لأن لديه الطاقة على افتراس فهد بعضة واحدة من أنيابه، مثلما أفعل أنا أحيانا إذا عيل صبري، وآخرها في ليلة البارحة.

كما أن ذلك الغوريلا عاطفي كالإنسان تماما، والأمراض التي تصيب الإنسان تصيبه، (كإنفلونزا الخنازير) مثلا، وقد شاهدت في التلفزيون أحد (الغوريلات) في حديقة الحيوان، وقد ألبسوه كمامة مخافة أن يعدي أسرته.. وعلى فكرة، ثبت طبيا أن أفضل الأسنان التي تزرع في فم الإنسان هي أسنان الغوريلا بالذات، وإذا كان لأحد منكم مشكلة بأسنانه وأراد أن يجرب فليتصل بي، فلدي عنوان المستشفى (بتايوان) الذي يقوم بذلك بنجاح.. وعلى فكرة، لديهم جميع مقاسات الأسنان.

والحمد لله ليس لدي مشكلة في أسناني، ولو كان ذلك لكنت أول الذاهبين إلى هناك.

***

أحزنني جدا منظر الشباب المتظاهرين وهم يتساقطون في (ميدان التحرير) جراء استنشاقهم الغازات المسيلة للدموع، فخطر على بالي ذلك الاختراع الذي توصل له العلماء وهو غاز يطلق في وجوه المتظاهرين فيمتص غضبهم ويعيد الهدوء إلى نفوسهم. ويريدون أن يطبقوا ذلك على الجيوش الأعداء.. فتحيل جيشا عسكريا كاملا إلى مجموعة أليفة من البشر، بل إنه (أدهى وأمر) من ذلك.. فإنهم بصدد استحضار غاز آخر يسلطونه على أعدائهم فيحيلهم إلى رجال (شواذ)، وثبت أن كل من جرب عليهم ذلك الغاز أخذوا يتصرفون تصرفات أنثوية خليعة خلال ساعات قليلة.

***

بينما كنت أتسكع في إحدى المكتبات، إذا بعيني تقع على كتاب عنوانه: (كنز النجاح والسرور في الأدعية التي تشرح الصدور)، وبحكم أنني أتهافت على كل ما يشرح صدري، فقد اشتريته حالا، ووقع في نفسي هذا الدعاء عن الوالدين، وكأنه ينطق بلساني وجاء فيه:

«اللهم لا تجعل لهما مما اقترفناه من السيئات واكتسبناه من الخطيّات وتحملناه من التبعات، فلا تُلحقهم منا بذلك حُوبا، ولا تجعل عليهم من ذنوبنا ذنوبا.. اللهم ولا تبلغهم من أخبارنا ما يسوءهم، ولا تحملهم من أوزارنا ما ينوءهم، ولا تخزهم بنا في عسكر الأموات لما نُحدث من المخزيات ونأتي من المنكرات. اللهم لا توقفهم منا على مواقف افتضاح بما نجترح من سوء الاجتراح».

وأزيد على هذا الدعاء من عندي قائلا: اللهم استر فضائحي ما ظهر منها وما بطن، خصوصا التي يعاقب عليها القانون و(بوليس الآداب) تحديدا.