متى يثور العربي؟

TT

ما السمات النفسية لشخصية الإنسان العربي؟

ودون أن أبدو وكأنني - لا سمح الله - أحاول تجريح صورة هذه الشخصية التي أنتمي إليها، يهمني أن أنصح حضراتكم بالعودة إلى دراسات الدكتور أحمد عكاشة القيمة حول هذا الموضوع.

قال الدكتور عكاشة الذي شغل منصب رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي من عام 2002 إلى عام 2005 في كتابه المهم: «تشريح الشخصية المصرية» الجزء الثاني: «يتميز قطاع كبير من المصريين والعرب بسمات الشخصية الاعتمادية والسلبية العدوانية والاستهوائية».

ويصف دكتور عكاشة الشخصية الاعتمادية بأنها تلك الشخصية التي «تركن إلى الاعتماد الشامل على الآخرين أو السماح لهم بتولي مسؤولية جوانب مهمة في حياة الشخص».

ويضيف دكتور عكاشة إلى الميل عند التعامل مع المحن والأزمات إلى إلقاء المسؤولية على الآخر وكثرة النقد له والسخرية منه، حتى الوصول إلى حالة «مفيش فايدة». أما بالنسبة للعدوانية والسلبية فإن دكتور عكاشة يؤكد أن «السخرية والنكت السياسية والاقتصادية هي المعبر الحقيقي عن عدوانية شديدة للسلطة».

كتاب دكتور عكاشة كان قبل ثورات الربيع العربي، ولعله في طبعته الجديدة يحاول تفسير ظاهرة الانتقال من السلبية التي وصلت إلى حد الاستكانة والانبطاح السياسي للسلطة السياسية في العالم العربي إلى حد التجرؤ على هذه السلطة بشكل يبدأ من التظاهر السلمي ويصل إلى حالات حمل السلاح ضدها. حينما خرج الملايين في العالم العربي يهتفون في عشرات المدن العربية هذا العام «الشعب يريد إسقاط النظام» فإن علماء النفس وعلم الاجتماع السياسي عليهم أن يعرفوا كيف تم الانتقال من حالة السكون إلى الثورة والتحول من حالة الانصياع والرضوخ الكامل للنظام السياسي إلى التمرد الكامل عليه إلى حد الخروج عليه والهتاف بإسقاطه مهما كان الثمن.

إن ما حدث هذا العام، لم يتم خلال هذه الشهور فحسب لكنه محصلة تراكمات من مظالم ومفاسد وتجاوزات من السلطة، ولكن إذا كان الشعب هو الشعب منذ عشرات السنين، فلماذا وكيف، وتحت أي ظروف خرج وتمرد وثار؟

وقد يقول لي قائل: «يا عمنا بذمتك مش عارف لماذا ثار الناس؟».

أجيب قائلا: نعم أعرف بشكل قائم على الملاحظات والمعايشات ولكن أريد أن أفهم، وأن نفهم جمعيا قانون الفعل ورد الفعل عند المواطن العربي، ولماذا ثار هذا العام ولم يكن ذلك في العام الماضي أو في الأعوام التي سبقته؟

متى يثور العربي؟.. سؤال قد تبدو الإجابة عليه بديهية ولكن تحتاج لدراسة متأنية.