مصر.. ورطة «الإخوان»!

TT

بدأ «الإخوان المسلمون» بمصر في إطلاق تصريحات تطمينية للمصريين بعد تقدمهم في الانتخابات البرلمانية، لكن الحقائق تقول لنا إن «الإخوان» أنفسهم باتوا في ورطة جراء هذا الانتصار الانتخابي، فأمامهم ثلاثة ملفات تمثل مأزقا حقيقيا، لا نعلم كيف سيتعاملون معها، وهي: معاهدة كامب ديفيد، والاقتصاد، والسلفيون.

سياسيا، سيجد «الإخوان» أنفسهم وجها لوجه مع معاهدة كامب ديفيد التي بنوا عليها شرعيتهم بمعاداة كل من نظامي الراحل أنور السادات، وبعده مبارك، واليوم على «الإخوان» أن يقولوا، بالأفعال وليس بالأقوال، إن كانوا يريدون إلغاء تلك المعاهدة، وهذا يعني إعلان حرب ضد إسرائيل، ومعروف أن الاقتصاد المصري لا يتحمل مزيدا من المظاهرات، ناهيك عن الحروب، فهل يقبل «الإخوان» بالمعاهدة وهم في السلطة؟ وإذا قبلوا بها فما الفرق إذن بينهم وبين مبارك؟ وكثرة التصريحات الأميركية عن الاتصالات المستمرة بينهم وبين «الإخوان» توحي بأن «إخوان مصر» لن يجرؤوا على المس بمعاهدة كامب ديفيد، مما يعني أن «الإخوان» مثلهم مثل مبارك، سياسيا، ومن أول رشفة لكأس الحكم!

المأزق الثاني هو الوضع الاقتصادي الذي بات في كارثة حقيقية، ومصر ليست دولة نفطية مثل ليبيا، مما يعني أنه على من يحكم مصر، أو يكون هو الطرف الأقوى فيها، أن يعتمد على السياحة، بترول مصر، وعملية جلب السياح تتطلب أمنا، وهذا ضد المساس بـ«كامب ديفيد»، كما تتطلب السياحة مزيدا من الانفتاح، والحريات، ونظاما اقتصاديا قابلا للتعامل مع النظام المالي العالمي لتشعر رؤوس الأموال الأجنبية بالأمان لتأتي لمصر، كما أن الأمر يتطلب كذلك حركة فنية مزدهرة، وأمورا أكثر تفصيلا، فالقصة ليست قصة أهرامات وحسب، وإلا كان السياح تدافعوا على جبال تورا بورا أيام طالبان بأفغانستان، ومكانة مصر لا تتجزأ بالطبع!

وإذا تجاوز «الإخوان» المأزقين السابقين فهذا يعني، ولا محالة، اصطداما حادا مع السلفيين، وهذا هو المأزق الثالث لـ«الإخوان»، فحينها ستبدأ معركة من الذي يحق له التحدث باسم الدين في مصر، ومن الذي بات يجدف بالدين من أجل السياسة، فحينها سيصبح السلفيون للحركة الإخوانية مثلما كان «الإخوان» لنظام مبارك، أي معارضة مستمرة، وفي كل مجال، وتوجه. ولذا فإذا كان البعض يشعر بالقلق من واقع «الإخوان» بمصر اليوم، وهو قلق مستحق، فإن «الإخوان» أنفسهم الآن يجب أن يشعروا بقلق أكبر، حيث إنهم في ورطة حقيقية، لأنهم باتوا أمام استحقاقات من شأنها أن تفسد عليهم لذة الحكم، فتطبيق «الإخوان» لأفكارهم التي طالما روجوا لها يعني أنهم سيقودون مصر إلى الحروب والإفلاس، بينما عصرنة مواقفهم وتبنيهم للخط العقلاني، وهما من المتطلبات الضرورية لمن يريد أن يحكم، يعنيان ضربا لمصداقية «الإخوان»، كما يعنيان أنهم مقبلون على معركة شرسة مع السلفيين.

فكيف سيتعامل «الإخوان» مع هذه الورطة الثلاثية؟ هذا ما سيتضح من خلال تعاملهم مع عملية تشكيل الحكومة، والدستور، وصلاحيات الرئيس القادم.

[email protected]