هل انتصارات «الإخوان» بداية نهايتهم؟

TT

بظهور النتائج الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية وفوز «الإخوان» ومعهم السلفيون بأغلبية برلمانية مريحة تكون مصر هي الأخرى أماطت اللثام عن إسلاميتها، بعد أن فاز الإسلاميون في تونس والمغرب بنسب متشابهة، وأما ليبيا فلا نحتاج إلى الانتظار حتى تفرز نتائج انتخاباتها البرلمانية لنعرف مدى قوة الإسلاميين فيها، فهيكل الثورة الليبية وعصبها هم الإسلاميون، إذن لا مفر من السيطرة الكاسحة للإسلاميين في ليبيا لو قامت الانتخابات الليبية.

إذن، الإسلاميون بشتى ألوان طيفهم، إخوانا وسلفيين، دخلوا عمليا في عصب السلطة لأول مرة في تاريخ العالم العربي، ومن خلال الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وأمامهم امتحان عسير لإثبات أهليتهم للحكم. ولو ألغينا الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، فإن في السودان أول تجربة فعلية لحكم الإسلاميين، وهي تجربة فاشلة بكل المقاييس. نعم قدم الإسلاميون في فترة حكمهم الأولى للسودان أنموذجا نزيها نظيفا لرجال الحكم، إلا أنه سرعان ما تحول حكم الإسلاميين في السودان إلى طريق للثورات العربية العسكرية التي جثمت على صدور الشعوب العربية من حيث الاستئثار بالسلطة والديكتاتورية وحكم البلاد بالحديد والنار، وتبخرت في عهد العسكر الإسلاميين في السودان مظاهر الحكم الراشد رغم أنهم صموا آذان الشعب السوداني بوعودهم بحكم إسلامي عادل. ويكفي ثورة الإسلاميين السودانيين فشلا أن رئيسهم لا يختلف في تشبثه بالسلطة وعضه عليها بالنواجذ عن مبارك وبن علي وبشار وعلي صالح والقذافي، فلا نضيع وقتنا في إثبات أدلة دامغة في فشل حكم العسكرة الإسلامية في السودان.

أمام الإسلاميين في الدول التي انتصروا فيها برلمانيا تحديات وصعوبات، بعضها سيعذرهم الناس لو لم يتجاوزوها في الفترة الأولى من حكمهم، مثل الازدهار الاقتصادي والتطور التنموي واللذين يحتاجان إلى عشرات السنين كي تنعم الشعوب العربية بهما، لكن ما لا يمكن للشعوب العربية أن تعذر الإسلاميين في عدم تحقيقه هو النزاهة المالية والإدارية.. فالتنظير بالنزاهة خارج السلطة أمر يسير، لكن حين يكون الإسلاميون في عمق السلطة فهم عرضة لرياح فتنتها، فبيدهم، بعد نجاحاتهم في الانتخابات البرلمانية، مفاتيح النفوذ المالي والسلطوي، ولهذا لم ينجح في امتحان الفساد المالي والإداري بعد الخلفاء الراشدين الخمسة إلا ندرة ممن تعاقبوا على حكم العالم الإسلامي حتى يومنا هذا.

كما أن الإسلاميين، وأخص بالذكر منهم «الإخوان المسلمين»، سيواجهون امتحانا عسيرا في الانعتاق من الحزبية التي هي في بعض الأحيان أخفى من دبيب نملة سوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل، فإذا كان «الإخوان» سيبحثون لرجالهم عن مناصب فهذه بداية نهايتهم، وأما إذا بحثوا للمناصب عن رجال من داخل «الإخوان» ومن خارجهم فهم على الطريق الصحيح. إن الدول التي فاز فيها «الإخوان» وغيرهم من الإسلاميين تحولت في عهد الديكتاتوريات التي سادت ثم بادت إلى دول ينخر فيها الفساد والتخلف، فتصحيح ما أفسده دهر الاستبداد عمل ضخم يحتاج من الإسلاميين إلى الاستعانة بكل الكفاءات بغض النظر عن انتماءاتها الحزبية والآيديولوجية.

[email protected]