«أنا أنكر إذن أنا مسؤول»!

TT

ولد «فولتير» في نوفمبر (تشرين الثاني) 1694، وحفر اسمه في تاريخ الفكر الإنساني، كونه من أهم الفلاسفة الفرنسيين، ولم تخل كتاباته من انتقاد تدخل الكنيسة - حينئذ - في السياسة والحياة العامة في فرنسا، وعرف بأنه من سعى لمواجهة العقل بالحقيقة بدلا من إنكارها!

وللرجل عدة عبارات خالدة يتوقف الإنسان أمامها، اخترت منها الأفكار التالية التي تدعو للتأمل:

«السياسة هي الأولى في الفنون والأخيرة في المهن».

«الجنس البشري هو الوحيد الذي يعرف أنه يجب أن يموت»!

«خلقت المرأة كي تروض الرجل»!

«نتحدث دائما بكلام سيئ عندما لا يكون لدينا ما نقوله».

«إن كان الإنسان حرا فعليه أن يحكم، وإن كان لديه طغاة فعليه أن يخلعهم».

لكن أفضل عبارات فولتير التي تستوقفني شخصيا:

«الرجال يخطئون، ولكن أعظم الرجال يعترفون بأنهم كانوا على خطأ».

في عالمنا العربي، شيمة الاعتراف بالخطأ أو الاعتذار ليست من شيم الإنسان العربي المعاصر.

كم مرة شاهدت، يا عزيزي، مسؤولا عربيا يخرج طواعية إلى الرأي العام قائلا: لقد أخطأت، أو لقد أخطأ زملائي، ولكن بوصفي رئيسهم، فأنا أتحمل كامل المسؤولية؟ أعتقد أنها مرات محدودة للغاية!

الاعتراف بالخطأ ليس الهدف منه تأنيب أو تعنيف أو مس كرامات المسؤولين، ولكن الغرض الأساسي منه هو مداواة جرح الخطأ بالاعتراف به أمام الرأي العام.

نعم، أنا أخطأت، إذن أنا قابل لتصحيح نفسي، وتصحيح مواقفي بما يخدم مصالح الناس.

أسوأ آفة تهدد المسؤول العربي، هي آفة الإنكار.

ماذا يحدث إذا قال المسؤول: ليس لدينا فساد، وليس لدينا معتقلو رأي، وليس لدينا بيانات وإحصاءات مغلوطة، وليس لدينا تجاوزات حكومية ضد القانون، وليس لدينا أي ضغوط على الإعلام، وليس لدينا تقصير في التعليم والصحة والخدمات، وليس لدينا اختناق مروري، وليس لدينا نقص في القمح، وليس لدينا إشكاليات في توفير مياه الري أو المياه العذبة، وليس لدينا متاعب في الصرف الصحي، وليس لدينا تقصير في إدارة المنتخب الوطني لكرة القدم، وليس لدينا تخلف عقلي في طريقة تقديم نشرات الأخبار الرسمية!

ليس لدينا أي عيب أو خطأ، أو أي نقيصة بأي شكل من الأشكال.

هل تعلمون ماذا يعني ذلك؟

إن هؤلاء ليسوا حكاما.. بل ملائكة على الأرض!