قصير خداع الأضواء

TT

باق ستة أشهر للرئيس نيكولا ساركوزي في قصر الأحلام الكبرى: الإليزيه. كل الاستفتاءات تشير إلى أنه سوف يخسر معركة الولاية الثانية أمام اليسار. بعض التقديرات وضعت شعبيته عند 20 في المائة، وهي نسبة معيبة في بلد مثل فرنسا، حيث الرئيس هو الرمز. فلماذا هذا التعثر في مسيرة رجل لم يتوقف عن الحركة منذ وصوله؟ ما مدى تأثير الأزمة الأوروبية، في صورة عامة؟ لماذا لم يغير دوره في ليبيا في تدهور شعبيته؟

رافقتُ مزاج الناخب الفرنسي منذ 1961. وذات يوم من 1980 انتظرنا ظهور النتائج والكل واثق من فوز فاليري جيسكار ديستان مرة أخرى. وفاز الاشتراكي فرنسوا ميتيران. وعندما كنت أرافق ميتيران في حملاته في الستينات، كان يخيل إليّ أنه رجل غير متوازن: فكيف يعقل أن ينتخبه الفرنسيون ضد ديغول؟ لكن الناخب الفرنسي إنسان سريع الانفعال، سريع التحول وسريع الندم.

وصل نيكولا ساركوزي مأخوذا بنفسه، يتناول الغداء في البيت الأبيض ثم يعود إلى واشنطن للعشاء في اليوم التالي. يطلق ثم يتزوج من عارضة أزياء. وقيل يومها إن الفرنسيين، بعكس الأميركيين، يثير إعجابهم الرئيس المعشاق. وكنت أعتقد أن ساركوزي يدفع ثمن الصورة التي وصل بها إلى الإليزيه. فقد لا يتوقف الفرنسيون كثيرا عند الحياة الخاصة لرئيسهم، إذا ظلت خلف الجدران، لكنهم ينشدون، مثل جميع الشعوب، وخصوصا في أزمان المخاوف، صورة الرئيس الأب والباعث على الطمأنينة. وأعتقد أن الرئيس ساركوزي يشعر بندم شديد الآن، بسبب ما حدث من انتقامات في حق راعيه السابق جاك شيراك، أو رفاقه السابقين مثل – دو فيلبان.

أعادت الأزمة الكبرى الشعوب الأوروبية إلى التقاليد والقيم التي خيل لها أنها لم تعد ضرورية. ظن ساركوزي أن الألق يصنع الشعبية. لكن الألق يصنع الأضواء. والأضواء سريعة الخفوت وخداعها قصير المدى. وفيما كان الفرنسيون يبهرون بجمال السيدة كارلا بروني، كان كثيرون منهم يشعرون بإهانة عميقة، إذ يدعي جاك شيراك، وريث ديغول، ضعف الذاكرة، لكي يتجنب ذل الظهور أمام المحكمة.

لكن أليس هذا ما يجب أن يحدث في دول القانون؟ أي إحالة أي مسؤول، مهما ارتفع، إلى القضاء، إذا اشتبه بمخالفته للثقة التي أعطته إياها الناس؟ للأسف لا. ليس هذا ما يجب أن يحدث. لا تختم نصف قرن من العمل الوطني بسبب تهمة يوم كان رئيسا للبلدية. أحيانا يكون القانون بأن ترفعه إلى مستوى الرجال.