اللهو الخفي!

TT

كثر في الآونة الأخيرة - وبالذات في دول الربيع العربي - الحديث عن «الأصابع الخفية المدسوسة»!

ويقصد بالأصابع الخفية المدسوسة، هي ذلك الطرف الثالث المبني للمجهول الذي يدخل بين الفرقاء (السلطة والثوار) بهدف إفساد العلاقة بينهم لأنه يتحرك بدافع التآمر على الوطن!

وإذا كان في التاريخ منذ العصر الهجري حتى يومنا هذا مؤامرات، فإن التاريخ ليس كله مؤامرة كبيرة. من هنا تصبح قصة «الأصابع الخفية المدسوسة» في ـ لا مؤاخذة ـ حياتنا، هي قصة غير مقنعة بل تتجاوز ذلك إلى حد السخرية من معدلات الذكاء العربي مهما كان منخفضا!

والأصابع الخفية المدسوسة بمفهوم السلطة في تونس هي التي اخترعت قصة الشهيد بو عزيزي، وهي بمفهوم السلطة في اليمن التي تطلق النار على المواطنين العزل، وهي بمفهوم الرئيس السابق في مصر التي جاءت بكائنات فضائية في ميدان التحرير يحملون بنادق قناصة وقاموا بالتصويب على أعين زهرة شباب مصر. إن قصة «الأصابع الخفية المدسوسة» تصل إلى ذروة الإبداع في الحالة السورية حينما يقول الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع محطة تلفزيون أميركية مؤخرا إن جنوده لم يطلقوا النيران على المتظاهرين العزل، وإن من يطلق النار على شعبه هو - حسب وصفه - مجنون! وقد أدى هذا التصريح إلى خروج المتحدث باسم البيت الأبيض عن وقاره واتهام الرئيس السوري بأنه إما أنه كاذب أو مجنون!

وشعب مصر الساخر أصبح يسمي «الأصابع الخفية المدسوسة» بعصابة «اللهو الخفي» وهو مصطلح شعبي جاء من فيلم «شنبو في المصيدة»!

«اللهو الخفي» شيء فوق العقل، وتحت العقل، يتحدى المنطق والحقيقة والذكاء، ويجعل العالم الكبير أحمد زويل يفكر في الانتحار، لا قدر الله. «اللهو الخفي» حالة من الاستخفاف القائمة على غطرسة القوة المعتمدة على «استغباء الناس». وتعريف الغبي، ليس من يفتقر إلى الذكاء، ولكن من لا يحترم ذكاء الآخرين ويعتقد دائما أنه أكثر ذكاء منهم. كنت أفضل أن يخرج أي مسؤول من هؤلاء ليقول نعم أطلقنا النار للأسباب التالية، وهذه هي وثائقنا وأسبابنا، أو أن يقول نعم أطلقنا النار بسبب حالة من الانفلات الأمني نتيجة فقدان الأعصاب للقوة الميدانية وسوف نقوم بالتحقيق في أسباب ما حدث.

كنت أفضل أي شيء إلا موضوع الأصابع الخفية هذه!