«طلب استقدام حكومة أجنبية»!

TT

حيث إننا كلما وصلنا إلى حائط مسدود في الكفاءة أو العدالة المجردة نقوم بالاستعانة بخبير أجنبي، فإن هذا المنطق يدفعنا إلى الوصول إلى درجة أكثر خيالا وإبداعا لحل هموم ومشاكل الإنسان العربي.

حينما تشكو أندية كرة القدم من انحياز أو عدم كفاءة الحكام المحليين نطلب الاستعانة بطاقم تحكيم دولي، والأمر المذهل أن اللاعب العربي ينصاع تماما لقراراته ويتعامل معه باحترام يفوق تعامله مع أي فريق تحكيم وطني.

عندما يمرض أحدنا يبحث عن أفضل مستشفى دولي، أو يستدعي طبيبا أجنبيا. وإذا كان بعضنا يريد بناء مشروع إسكاني أو قصر جميل أو ناطحة سحاب يستعين بمكتب استشاري عالمي، كعلامة جودة، وكإحدى وسائل التسويق للمشروع.

نريد تطوير بنك محلي نأتي «بالخواجة» المطور، نسعى لصياغة عقد شراكة نذهب لمكتب قانوني دولي، نشتهي مطعما يقدم لنا مزات بلاده نختار ذلك الذي يستأجر الشيف العالمي.

هذا منطق سائد، وبناء عليه، إذا «كان ذلك كذلك» فلماذا لا نقوم بذات المنطق، ولنفس الدوافع بالاستعانة بحكومة من الخبراء الأجانب؟!

أرجوكم، دمروا كل الحواجز الفكرية المعتادة، وتناسوا كل المحاذير التاريخية التي تربى عليها العقل السياسي العربي.

حكومة خبيرة قديرة، نستعين فيها بأفضل الخبرات في العالم، وزير بحث علمي ياباني، ووزير تصنيع كوري جنوبي، ووزير مالية ألماني، ووزير حكم محلي سنغافوري، ووزير رياضة وشباب برازيلي، ووزير بترول هولندي، ووزير صحة سويدي، ووزير تأمينات دنماركي، ووزير سياحة إسباني، ووزير تنمية صادرات تايواني، ووزير استثمار صيني، ووزير اقتصاد أميركي، ووزير شؤون تسويق من دبي!

ست وزارات فحسب لا بد أن تكون وطنية: الداخلية، والخارجية، والعدل، والشؤون الدينية، والثقافة، وبالطبع الدفاع.

قد يعتقد البعض أن هذا التصور نوع من الهلاوس الفكرية، ولكن أحيانا يلجأ عقل الإنسان إلى التفكير «خارج الصندوق» المعتاد ليس بغرض شهوة الاعتراض أو لفت الانتباه ولكن ذلك يرجع إلى سبب واحد شديد الخطورة!

يعاني الإنسان العربي، ومنذ سنوات، حالة من سوء الخدمات، وبطء وفساد الإدارات الحكومية، وعدم القدرة على الاستجابة الفعالة لمطالب الناس.

هذه المعاناة الشديدة ترجمت على لسان مزارع مصري بسيط يظهر في دعاية سياسية لتشجيع المواطنين على الانتخاب فيقول: «اللي حيحقق لبلدنا الخير أنا مستعد أديله صوتي حتى لو كان إنجليزي»!