الحوار في قناة «العربية»

TT

دعتني قناة «العربية» الأسبوع الماضي لإلقاء محاضرة عن «فن التواصل والحوار» في مؤتمرها السنوي الذي يحضره كل مراسليها في العالم وموظفيها والإدارة العليا. ولأنه حسبما قيل لي بأنني أول محاضر من خارج الموظفين يلقي ندوة على العاملين بالقناة فقد أخبرتهم في البداية بأنني هنا لأتبادل معهم فقط معلومات مهمة وأتعلم منهم وهذا ما حدث بالفعل.

بدأت بالاستماع، لأنه يشكل 40 في المائة من الوقت الذي نقضيه في وسائل التواصل الأربع، (فيما لا يشكل التحدث سوى 35 في المائة ثم القراءة فالكتابة بنسبة 16 في المائة و9 في المائة على التوالي). وقد كنت أنتظر بفارغ الصبر نتيجة اختبار «هل أنت منصت جيد؟» الذي وزعته على عينة عشوائية فكانت النتيجة أن 13 في المائة حصلوا على امتياز ونحو نصف المشاركين (56 في المائة) حصلوا على حدود المتوسط وما فوقه وهي نسبة كبيرة جدا مقارنة بنتائج كل دوراتي لا سيما أنني حينما سألت المشاركين: من حضر منكم دورة واحدة عن فن الإنصات فلم يرفع يده سوى شخصين من أصل 250 شخصا في القاعة تقريبا.

ما لفت نظري حقيقة في المؤتمر ارتفاع سقف الحرية في التعبير عن الأخطاء التي ارتكبها العاملون في مسيرتهم (أمام الإدارة العليا) وكان واضحا ذلك في أكثر من مداخلة شارك بها المدير العام للقناة الزميل عبد الرحمن الراشد ثم رئيس التحرير د. نبيل الخطيب الذي شاركني في تقديم الجزء الثاني من فقرتي.

ومن الأمور التي أعجبتني أيضا فقرة «لو كنت مكاني.. ماذا كنت ستفعل؟» وهي طريقة ذكية في إيجاد حوار بناء للنقد الذاتي. ففكرة النقد المباشر، وافعل ولا تفعل، قد عفى عليها الزمان، وتخلت عنها كثير من أدبيات الإدارة الحديثة والدورات التي أضحت تروج لمفهوم «النقد المهذب» على أمل أن يتغير السلوك. وألم يقل الله عز وجل الخبير لنبيه صلى الله عليه وسلم «ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك».

وأذكر في أيام العمل النقابي في الجامعة كان لدينا بند ثابت في كل الاجتماعات بعد بند ما يستجد من أعمال نسميه «بند النقد والنقد الذاتي» ينتقد فيه كل مشارك نفسه أو أي سلوك غير ملائم وسط حوار هادئ وعقلاني.

في حواراتي الجانبية مع نجوم الشاشة وجدت أن هناك إجماعا بأن الإخفاق في التواصل مع الضيوف والمتصلين ليس سببه دائما المذيع بل الجلبة الصاخبة في سماعة الأذن التي تنقل أصوات المخرجين وغيرهم، فتربك المذيع، كما اعتبروا أن الضيف نفسه لا يلتزم بآداب الحوار، ولا الوقت المحدد، وهو ما اتفق معه كلية لأنني كما قلت في «تويتر» أمس بأن «الحوار هو مثل مباراة كرم قدم يمكن أن يفسد لاعب واحد فيها المباراة بأكملها».

الحوار البناء وحسن التواصل هما ما يجعلاننا نفهم أنفسنا جيدا ونفهم الطرف المقابل.

[email protected]