الإدعاءات الصحية.. بين الحقيقة وتسويق الوهم

TT

لا يزال “بازار” الإدعاءات الصحية الزائفة يبيع الوهم للناس لتسويق أنواع شتى من المنتجات الغذائية والمستحضرات العلاجية. وكثيراً ما رددت الأوساط الطبية نداءاتها بضرورة وضع ضوابط تحد من “الفلتان” في الاستغلال التجاري لحاجة الناس لاستهلاك منتجات غذائية ذات فوائد صحية تعينهم على الوقاية من الأمراض وتُسهم في تخفيف تداعياتها عليهم، أو استخدام مستحضرات علاجية مكونة من مواد طبيعية آمنة بدلاً من استخدام الأدوية الطبية.

والواقع أن البرهان العلمي لإثبات الجدوى العلاجية، هو ما يحكم الرأي الطبي في هذا الشأن. ولذا تحاول الأوساط الطبية جاهدة إجراء البحوث والدراسات الطبية على أنواع شتى من المنتجات الغذائية والمستحضرات العلاجية، بغية معرفة ما ثبتت فائدته علمياً بالبرهان والدليل، وما لم تثبته له ذلك.

ومشكلة استخدام “الإدعاء بالجدوى الصحية”، وكتابة ذلك على عبوات المنتجات الغذائية لجذب المستهلك ولمنافسة الغير في السوق، لا تزال مشكلة “عويصة” وخاصة في المجتمعات التي يرتفع فيها مستوى الوعي والبحث عن وسائل الحفاظ على الصحة. وهي مشكلة تحتاج إلى حلول جذرية تواجه أي مخادعة أو تلاعب في الأساليب التجارية للدعاية والتسويق.

الإتحاد الأوروبي أنشأ عام 2002 الوكالة الأوروبية لسلامة الأغذية European Food Safety Authority (EFSA) ، وذلك كي تقوم بعمل محايد في إعطاء التقييم العلمي لكل ما يتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بسلامة الأغذية للمستهلكين في دول الإتحاد الأوروبي وإزالة المخاطر التي قد تنجم عن استهلاك الأطعمة. وهو ما يشمل حتى تغذية الحيوانات وسلامة النباتات.

وضمن جهودها لحماية المستهلكين من أضرار الإدعاءات الطبية الزائفة التي تُروج للمنتجات الغذائية باستهداف الوعي الصحي لدى المستهلكين الأوروبيين health-conscious EU consumers ، ومساعدة للأوساط الطبية في توصيل الفكرة السليمة عن الفوائد الصحية للمنتجات الغذائية والمستحضرات العلاجية الشعبية، أصدرت الوكالة في السادس من ديسمبر (كانون الاول) الحالي تقريرها حول تقييم الإدعاءات الصحية لأكثر من 2500 نوع من المنتجات الغذائية المتوفرة في الأسواق الأوروبية. ومن بين هذه الـ 2500 إدعاء، أقرت الموافقة على فقط 200 من بينها.

ومن الأمثلة لبعض تلك الإدعاءات التي أقرت اللجنة صحتها أن مضغ العلكة الخالية من السكر يُمكن أن يُحيد ويُعطل المفعول الضار للأحماض التي تكون طبقة الجير على الأسنان، وأن المنتجات المحتوية على الكالسيوم تُساعد على نمو العظام لدى الأطفال. ورفضت الوكالة 2300 من الإدعاءات الباقية، مثل إدعاء أحد شركات إنتاج الشوكولاته عبر كتابة على ذلك على عبواتها، أن منتجها، وذكرت اسمه التجاري في التقرير، يُساعد على نمو الطفل. وأن احتساء الشاي دون مزجه بالحليب يُساعد على رفع مستوى التركيز الذهني.

وعلق جون دالي رئيس لجنة حماية المستهلكين في الإتحاد الأوروبي بالقول في بيان، ان “من حق المستهلك الحصول على معلومات دقيقة يُعتد بها عن المنتجات الغذائية التي تُساعده على اتخاذ خيارات صحية. وحين يتعلق الأمر بمزاعم صحية من المهم جداً التأكد من أنها صادقة ودقيقة. ويتعين على حكومات وبرلمانات الإتحاد الأوروبي الموافقة على القائمة النهائية للمنتجات الصحية قبل التصديق عليها رسمياً في مطلع العام المقبل، وبعد ذلك سيكون أمام الشركات التي استبعدت منتجاتها من القائمة ستة أشهر لتزيل كل المزاعم التي ثبت عدم صحتها على منتجاتها”. انتهى تعليقه.

هذا ولا يزال أمام الوكالة أكثر من 2000 منتج من المستحضرات النباتية وأنواع الأغذية المتوفرة في أسواق دول الإتحاد الأوروبي، وذلك لتقيمها هي الأخرى وإفادة المستهلكين بنتائج ذلك.

استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]