لو لم تكن امرأة.. لتمنت أن تكون امرأة

TT

هناك أستاذ به شيء من (مس الجنون).

طرح على طلابه ثلاثة أسئلة؛ الأول صعب وعليه خمسون درجة، والثاني أقل صعوبة وعليه أربعون درجة، والثالث سهل وعليه ثلاثون درجة.

وبعد أن تسلم الإجابات، استعرضها سريعا دون أن يقرأ الإجابات، فأعطى الذين اختاروا الإجابة عن السؤال الصعب درجة ممتاز، والأقل صعوبة درجة متوسط، والأسهل درجة ضعيف.

وعندما بدأت الاحتجاجات من الطلبة على أساس أنه لم يقرأ الإجابات.

قال لهم: إنني لم أكن أختبر معلوماتكم، ولكنني كنت أختبر أهدافكم!!

فهل ذلك الأستاذ على حق، أم أنه مثلي (جايب العيد)؟!

ولا يقل غرابة عن ذلك الأستاذ من رجل تجاوز الثمانين من عمره، عندما سألني (بهبالة) منقطعة النظير: كم واحدا عرفته في حياتك ياسي (ميشو)؟!

وبدأت أعد على أصابعي (وتبرجلت) قبل أن أتم العدد، فقلت له (متنرفزا) كعادتي: لا أدري.

قال لي: إنني إلى الآن ملأت أكثر من (70 صفحة)، وكتبت فيها أكثر من (ثلاثة آلاف) شخص عرفتهم حق المعرفة في حياتي، منهم الوزير، والبواب، واللاعب، والدكتور، والفنانة.

عندها قاطعته بالكلام قبل أن يكمل قائلا له: أرجوك عرفني على الفنانة.

قال لي: لقد ماتت قبل خمسين سنة.

* * *

قرأت أن قبيلة (غونيشين) عاشت على مدى آلاف الأجيال في شمال (ألاسكا) في عزلة تامة تقريبا عن الثقافة الخارجية، وكانوا متكاتفين متآلفين، يعيشون على مهاراتهم التي توارثوها، وفي سنة (1980) تحديدا دخل عليهم جهاز (التلفزيون)، وإذا بحياتهم تنقلب (رأسا على عقب)، أصبحوا بعد ذلك (مدمنين)، ولولا المساعدات الحكومية لماتوا جوعا.

والدراسات (مع الأسف) تقول كذلك: إن فلاحي الصعيد بمصر، قبل دخول الكهرباء والتلفزيون كانوا أكثر نشاطا وإنتاجا، ولم يكن هناك أية مزيّة واحدة للكهرباء بعد أن دخلت عليهم غير أنها حدت فقط من (تكاثر النسل)، هل تعرفون لماذا؟! لأن الرجال هناك بدأوا يقارنون بين سيارة الفراري و(الجاموسة)، كما أن النساء هناك بدأن يقارنّ بين السيارة ذات الدفع الرباعي وعربة (الحنطور)، ويا دار ما دخلك شر.

* * *

أكن للكاتبة فوزية سلامة كل التقدير والاحترام وأعجبني قولها: لو لم أكن امرأة لتمنيت أن أكون امرأة.

وأنا بدوري أقول: لو لم أكن رجلا لتمنيت أن أكون حصانا، أو على الأقل دبّورا.

[email protected]