وماذا عن مسيحيي العراق؟!

TT

ليست القصة هنا اهتماما مفاجئا بمسيحيي المشرق، مثل بعض المدعين هذه الأيام، خصوصا مع الدعاية المغرضة عن حماية الأقليات بسوريا استماتة لإنقاذ بشار الأسد، وإنما هذا هو مقالي الثالث، أو أكثر، عن مسيحيي العراق. وعليه، فالسؤال هو: وماذا عن مسيحيي العراق بعد انسحاب الأميركيين من هناك؟

فوسط الحديث عن الخوف على الأقليات بالمنطقة، وتحديدا سوريا، ومحاولة خداع الجميع بأن الأسد هو حامي الأقليات، وخصوصا من قبل الحكومة العراقية، تعود للساحة اليوم قصة المخاوف على أوضاع، ومستقبل، مسيحيي العراق بعد الانسحاب الأميركي. فالأسبوع الماضي، مثلا، شهد عملية اختطاف شاب مسيحي بالعراق، وبالطبع لم تجد تلك القصة «مطبلين» لها، سواء في «فيس بوك»، أو «تويتر»، ولا حتى من قبل الناشطين بالمنطقة، أو من يسمون أنفسهم زيفا بالحقوقيين، ولا حتى من الإعلام التحريضي الذي بات فجأة اليوم نصيرا للأقليات. والأسباب معلومة بالطبع، فالدفاع عن حقوق مسيحيي العراق لا يعطي شعبية، ولا يضمن تغطية إعلامية، خصوصا من قبل الإعلام الإيراني الهوى، أو التمويل!

لكن السؤال هنا هو للحكومة العراقية، وبعض منهم بلبنان، فطالما أنهم يخشون على الأقليات من وصول السلفيين، كما يقولون، للحكم بسوريا عند سقوط الأسد، أوليس من باب أولى أن يظهر هؤلاء أي تعاطف تجاه ما يحدث للمسيحيين بالعراق، وخصوصا أن من يحكمون بغداد ليسوا سلفيين، بل معادون لكل ما هو معادٍ لمصالح إيران؟ بالطبع لا يمكن أن يحدث ذلك، سواء بالعراق أو لبنان، أي الدفاع عن مسيحيي العراق، مثل الدفاع ببغداد أو بيروت اليوم عن الأسد، مما يدل على أن حديث هؤلاء عن مستقبل الأقليات بعد الأسد ليس إلا دعاية كاذبة، وأهدافها طائفية، والمراد منها هو الاستجابة لشهوة الحكم الطائفية، حيث لا يهمهم أبدا ما يحدث للشعب السوري، سواء أقلية أو أكثرية، بل إن الأهم هو الدفاع عن مصالح إيران الثورة، إيران الخمينية، حتى لو تجاوز عدد قتلى آلة القتل الأسدية بسوريا عدد خمسة الآلاف قتيل، ناهيك عن عدد المعتقلين، والمفقودين!

وعليه، فإن حديث البعض في العراق، أو لبنان، حول حماية الأقليات، والخوف عليهم بعد الأسد، ما هو إلا دعاية كاذبة. فللأسف حتى بعض مسيحيي لبنان لم ينطقوا كلمة حق دفاعا عن مسيحيي العراق، بل لم يطالبوا المالكي، وهو ليس سلفيا بالطبع، بحماية مسيحيي العراق بعد انسحاب الجيش الأميركي، فكم هو معيب أن نظام صدام حسين قد حمى مسيحيي العراق، بل ووزّر منهم وزير خارجيته المهدد بالإعدام اليوم من قبل حكومة المالكي، بينما في عراق اليوم يهدد المسيحيون كلهم بالتهجير!

ولذا فإن جل حديث المدافعين عن الأسد بحجة الخوف على حقوق الأقليات ما هو إلا دعاية كاذبة، ولأهداف طائفية، وإلا فأين هم من مسيحيي العراق؟ ولماذا اشتعل العراق مظاهرات من أجل البحرين، بينما ولا مظاهرة خرجت تدافع عن مسيحيي العراق؟

ولذا نقول: كفى طائفية، وكفى كذبا!

[email protected]