مجرد مكلف بالرئاسة

TT

أظهرت الصور الخارجية من بيونغ يانغ الناس ينتحبون على وفاة الزعيم كيم جونغ إيل. لكن لا صور أو أثر لنحو 200 ألف معتقل سياسي. لا أرقام في كوريا الشمالية: دخل الفرد، الدخل القومي، أو حجم الصادرات. أما الواردات فلا وجود لها أصلا.

أخطأت الأنباء في تسمية كيم جونغ إيل رئيسا. إنه – وخلفه – مجرد رئيس للجنة الدفاع أو لجنة العمال؛ لأن الرئيس الأبدي هو كيم إيل سونغ. الأبناء والأحفاد يرثون البلد فقط، أما الرئاسة فمجده الأزلي. هكذا كان سيف الإسلام يقول عن قائد الفاتح: لا أحد يرث هذا اللقب.

عندما توفي كيم إيل سونغ أُعلن الحداد عليه ثلاثة أعوام، ولا فرق، في أي حال، بين حالة الحداد والحالات العادية. بلد تموت فيه الناس جوعا بمئات الآلاف والزعيم كيم جونغ إيل يفاخر بأنه كتب ست مسرحيات غنائية في عامين.

لم يكن يظهر على الناس في التلفزيون ولا كانوا يسمعون صوته في الراديو. لا وقت لديه في جمهورية الصمت والرعب التي تركها تعيش على المساعدات الخارجية، وحيث يعاني الناس الأمراض المعوية لأنهم يقتاتون الأعشاب البرية.

الأرجح أن «جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية» لن تدوم طويلا في ظل الحفيد المبجل الذي بدأ حكمه بإطلاق الصواريخ، معلنا بذلك استمرار دولة الخوة والابتزاز. لقد جرد الأب شعبه من كل حق وأقام قوة نووية يهدد بها اليابان والجوار. وبينما دخلت الدول الآسيوية عصر الكفاية، وتكاد كوريا الجنوبية تلحق بالصين، لا يزال الشمال الستاليني في عصر المجاعة والأمراض. ولا يزال الشعب ممنوعا من مشاهدة التلفزيون إلا محطة الدولة التي تبث خطب الرئيس الأبدي كيم إيل سونغ.

الأرجح أن ذلك لن يدوم طويلا. ليس بسبب التأثير الآتي من الجنوب، بل بسبب التأثير المقبل من الصين. الألوف يهربون إلى الصين المجاورة كل عام، متحدين صعوبات ومخاوف أسطورية، للخروج من هذا السجن الجليدي المرعب والرتيب؛ حيث لا تزال العبودية والسخرة أحد أشكال العقاب.

إلى متى يمكن لـ23 مليون إنسان تحمل هذا النوع من الحياة، أو بالأحرى اللاحياة؟ لا شك أن كوريا الجنوبية (والصين) ترتعد من يوم التغيير. سوف يهجر الناس الشمال دفعة واحدة كما غادر الألبانيون بلادهم دفعة واحدة. وهناك أيضا الترسانة النووية، التي ليست في أيدٍ عاقلة مثل السوفيات، بل في يد صهر كيم جونغ إيل، الذي يؤلف هو أيضا الأوبريتات، ستة كل عامين.