من قال لا أعلم؟

TT

كم مرة من المرات سمعت مثقفا أو مسؤولا عربيا في أي برنامج من برامج «التوك شو» يجيب عن سؤال وجه إليه بعبارة «لا أعرف»؟!

كم محاور إعلامي في برنامج مباشر على شاشات التلفزيون رد على أسئلة الجمهور بأنه لا يعرف أو غير مؤهل للإجابة عن السؤال المطروح عليه؟!

كم مرة سمعت مسؤولا أو إعلاميا يقول لسائله سوف أبحث في موضوع السؤال ثم أعود إليك بالإجابة الدقيقة؟!

جميعنا آينشتين، ونيوتن، وابن خلدون، وأبو حامد الغزالي، ورئيس البنك المركزي الأوروبي، والخبير الأول في كل المواضيع والقضايا والمشاكل والمسائل!

في عالم يعتمد على التخصص العلمي، وعلى التخصص شديد الدقة في فروع العلم، ما زال لدينا ظواهر فذة في عالمنا العربي تعرف الإجابات الشافية عن كل المواضيع وتستطيع وحدها بدون أي مساعدة من صديق حسم جميع القضايا الخلافية.

ولقد أظهرت البرامج الثقافية التي تعتمد على المعلومات العامة والثقافة الشخصية في الفضائيات العربية مدى ضحالة الثقافة العامة للمواطنين العرب.

ويكفي أن تقرير التنمية البشرية الصادر في العام الماضي يوضح تدني مستوى القراءة في عالمنا العربي، وضحالة طباعة الإصدارات الجديدة، التي يبلغ إجمالي مجموعها في عالمنا العربي أدنى من عدد المطبوع في دولة مثل فنلندا!

اجلس على مقهى عربي وتابع حوارات الناس حول كرة القدم، سوف تكتشف أن الجميع يصلحون لإدارة شؤون «الفيفا»، الجميع يصلحون حكاما لكرة القدم، الجميع يصلحون للعب في دوري المحترفين الأوروبي!

اسمع حوارات الناس حول الحروب، الجميع جنرالات يفهمون في إدارة المعارك. اسمع جدل الناس حول الأجور والرواتب، الجميع لديهم حلول سحرية سهلة غابت عن عقول أكبر خبراء صندوق النقد الدولي!

نرجو أن نتواضع أمام العلم، والمعلومة الدقيقة، والإحصاء الموثق، ومراجعة الأفكار، والاستماع للآخر، وقبول الاختلاف، واحترام أدب الحوار، وعدم التعامل مع الأمور بتعالي الجهلاء وثقة أصحاب الامتياز الحصري للحقيقة المطلقة.

ولنتذكر ما نصت عليه ثقافتنا الإسلامية: «من قال لا أعلم فقد أفتى».