الشعب يريد إسقاط الأمين!

TT

ليس أسوأ من أداء جامعة الدول العربية إلا إدارة وأداء أمينها العام نبيل العربي لملف الأزمة السورية الحالي. فالرجل يتخبط ويبدو«ظاهريا» وكأنه يساهم في إتاحة الفرصة لنظام بشار الأسد أن يتمادى ويواصل ذبح شعبه بكل الوسائل وكأنه في حالة حرب ضروس مع أعداء له.

كل ذلك يحصل وسط زيارات «غريبة» قام بها نبيل العربي نفسه إلى دمشق والتقى فيها الرئيس السوري بشار الأسد، وصرح بعدها بتصريحه الشهير بأن بشار الأسد ماض في إصلاحاته.

وطبعا، كان التصريح هذا يأتي والآلاف من الجثث والأفراد بين قتلى ومعتقلين ومصابين بشكل همجي بامتياز، وبعدها كانت مجموعة متلاحقة من المواعيد وسوء إدارة للملف نفسه وتصريحات تحاول تخفيف وقع الكارثة التي حلت بالشعب السوري، واستخدام عبارات مخففة جدا واستفزازية جدا مثل: الجامعة العربية قلقة، وغير ذلك من الكلمات التي لا معنى لها سوى تبسيط هول ما يحدث في الشارع السوري من جرائم وحشية بحق الناس العزل، حتى جاء الفرج أخيرا وحن النظام السوري على العالم ليبدي موافقته على إرسال وفد الجامعة العربية من مراقبين إلى دمشق لمعاينة الموقف بأنفسهم.

وحصل نوع غريب من الانصياع لرغبات الوفد السوري ليجيء إعلانه «تماما» مع موعد انعقاد القمة الخليجية بالرياض في تصادف غير بريء، وحتى «الموافقة» السورية على البروتوكول لم يعترض عليها الأمين العام نبيل العربي، كونها تأتي ناقصة، حيث إن البروتوكول هو جزء من مبادرة عربية متكاملة، فلا يمكن قبول بند واحد فقط من اتفاق متكامل، وهذا ما حاول أن «يتشاطر» به الوفد السوري ويروج به للعالم أنه متعاون ويرغب في قبول المبادرة العربية، التي أجهد الدول في حوار بيزنطي معهم لمدة شهرين، توفي خلالها المئات على أيدي أجهزة الأمن الدموية التابعة للنظام.

وحتى بعد موافقة النظام المذكورة، تصرف الأمين العام مع هذه الموافقة وكأنه صدم من هول المفاجأة، فضاعت أيام وليال وهو يجمع أعضاء الوفد ويرتب لسفرهم، وكأن الموضوع سقط عليه من السماء ولم يكن لديه الوقت الكافي جدا لإعداد كل التفاصيل ومتطلبات هذا الأمر الحيوي (إذ لا أعلم شيئا آخر أكثر أهمية الآن على طاولة الأمين).

وطبعا، ضاعت أيام وليال أخرى، وتواصلت أعداد القتلى بازدياد جنوني حتى إنه في ثلاثة أيام متواصلة بلغ عدد القتلى 450 ضحية، مما يعكس التوحش والجنون الذي وصل بالنظام بحق شعبه.

نبيل العربي شخصيا لا تبدو لديه القناعة الكافية بالجرم الذي يتسبب فيه نظام الأسد بحق شعبه، فهو كما يبدو متأثر جدا بفكر «عديله» محمد حسنين هيكل، الذي لم يصرح باعتراض واحد على النظام السوري وأفعاله المشينة بحق الثورة السورية الشعبية العظيمة، ويعلم الجميع أن لنبيل العربي «كما لهيكل» ميولا نحو سياسة إيران في المنطقة أبداه علانية إبان توليه لفترة قصيرة منصب وزير الخارجية المصرية بعد الإطاحة بنظام حسني مبارك.

مصر فيها الكثيرون، كذلك الأمر في الدول العربية، من الكوادر الجديرة التي تعي تماما أننا نعيش الآن مرحلة الحرية والكرامة لا الاستعباد والذل والإهانة، ويبدو أن الأمين نبيل العربي لم يدرك ذلك جيدا وأن ما ناله الشعب في مصر يستحقه تماما الشعب في سوريا.

عزيزي نبيل العربي تمتع بتقاعد في راحة وضمير مستقر وأسألك استقالة كريمة في نهاية عهد دبلوماسي طويل.

[email protected]