أطفال الكويت يحرجون المدخنين!

TT

أغرب رد فعل عفوي رأيته ضد التدخين كان، قبل أيام، حينما رأيت مجموعة من أطفال الكويت يرتدون أوشحة ويحملون لافتات تندد بالتدخين، وطافوا بها لساعات في مجمع الأفنيوز الشهير في الكويت، وهتفوا بأعلى أصواتهم «لا لا لا للتدخين»، مما دفع عددا من المدخنين إلى إطفاء سجائرهم فورا، استجابة لنداء الأطفال!

في أول وهلة ظننت أنني أسمع أصوات مشاجرة في المول، ثم فوجئت برؤية مظاهرة صاخبة مرت من جانب المطاعم والمقاهي والمحلات، وقد سمحت بها إدارة المجمع الذي يعد إحدى أكبر الوجهات التجارية في الخليج.

والأعجب كان حجم ردود الفعل المؤيدة لهذه المظاهرة، وذلك بعد أن نشرت لي صحيفة «القبس» تقريرا عن هذا الموضوع في صفحتها الأولى، وتحديدا في موقع «تويتر»، حيث كان رابط التقرير «الأكثر تداولا»، وفق حساب «كويت ريدر» المتخصص في المتابعة الإحصائية لما ينشر. فقد لاحظت أن كثيرين كانوا يكظمون غيظهم وتذمرهم من تدخين الناس في أماكن مغلقة رغم قانون حظر التدخين منذ عام 1994م.

التدخين في أماكن مغلقة لم يعد حرية؛ لأن الحرية تنتهي حينما نبدأ بإزعاج الآخرين. وقد وجد العلماء أنه «كلما دخن إلى جانبك أربعة أشخاص، فإنك قد دخنت سيجارة كاملة حتى ولو لم تكن مدخنا»، هذا ما أكدته دراسات علمية عن التدخين السلبي، وفق عضو اللجنة الوطنية الدائمة لمكافحة التدخين بالكويت د. عادل ملا حسين. وهذا الدخان السلبي يقتل نحو 600 ألف شخص حول العالم سنويا، 64 في المائة منهم من النساء، فهو يمتد إلى مساحة دائرة قطرها 10 أمتار حول المدخن. ولذا طال منع التدخين في الدول المتحضرة الحانات والأندية الليلية، بل وتناقش ألمانيا حاليا منعه داخل السيارة، إذ تبين أن خطر استنشاق التدخين السلبي في السيارات يصل إلى عشرة أضعاف أثره في أماكن أخرى.

ومن المفارقات أن السيجارة قتلت من كان يروج لها، مثل رجل الإعلانات الشهير الذي لعب دور أحد رعاة البقر الذي كان يدخن باستمتاع في الإعلانات! التدخين ليس سوى عادة سلبية بحتة، ومن يجد صعوبة في الإقلاع عن هذه العادة لا بد أن يجد نفسه ضعيفا أمام التخلص من عادات أخرى سلبية في حياته تنال من صحته وعلاقاته وربما مستقبله الوظيفي.

[email protected]