السعودية: وزراء وميزانية

TT

أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عن الميزانية المالية الأكبر في تاريخ المملكة العربية السعودية. وجاءت الأرقام التفصيلية للميزانية بشكل مبهر يوضح اتجاه الدولة نحو الاستمرار في خطط التنمية البشرية، ومشاريع البنى التحتية المختلفة التي تندرج تحت الرقمين الأهم: إيرادات مقدرة بـ702 مليار ريال، ومصروفات مقدرة بـ690 مليار ريال. وحازت قطاعات الصحة والتعليم والإسكان على النصيب الأهم والأبرز، مواكبة في ذلك الاحتياج الأكبر للمملكة وسكانها في هذه المرحلة الزمنية، وكذلك كان الأمر بالنسبة لتوجيه الملك أمره بإيداع مبلغ 250 مليار ريال، فائض الميزانية، إلى حساب مؤسسة النقد.

وجاءت هذه الميزانية التاريخية بقوة نوعية لافتة عن ميزانية العام الحالي بزيادة مقدارها 110 مليارات ريال. وقد تضمنت الكثير من المشاريع الجديدة والمطلوبة في قطاعات متنوعة ومهمة، وكذلك راعت الميزانية بشكل جيد التوازن الجغرافي والمناطقي في توزيع المشاريع لتحقيق أفضل درجات الاستفادة الممكنة منها، إضافة إلى بند مستقل وعاجل وجه به الملك بتخصيص جزء مهم من الميزانية لأجل إنجاز بناء 500 ألف وحدة سكنية لتلبية احتياجات السكن بين الناس.

ولفت أنظار المتابعين تأكيد الملك على صرف المبالغ في أوجهها المستحقة بشكل فعال وسريع حتى لا تنقضي السنة المالية من دون تحقيق الاستفادة منها، وكذلك ربط هذا الأمر بتعزيز مسيرة التنمية المستدامة، وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين.

وكان العاهل السعودي قبل أيام من إطلاقه للميزانية التاريخية هذه قد أجرى تعديلا وزاريا محدودا ولكنه مهم جدا، إذ جاء بوجوه جديدة شابة واعدة في مناصب حيوية، فكان لتوفيق الربيعة منصب وزير التجارة والصناعة وهو المعروف عنه بنجاحه في إنجاز فكرة المدن الصناعية ونشرها في مختلف مناطق السعودية بشكل عملي ومدروس، ويبدو أنه سيركز على الجانب الصناعي الذي سيكون فرصة لتشغيل الكثير من السعوديين.

وكذلك الأمر بالنسبة لوزارة الخدمة المدنية التي أصابها الخمول لفترة طويلة فجاء اختيار عبد الرحمن البراك موفقا ليبعث فيها الجدية ويزيل الإحباط من المتواصلين معها، وفي وزارة الحج كان اختيار بندر الحجار لها مناسبا لما عرف عن الرجل الحنكة والحكمة والتخطيط الجيد، وسيكون ذلك مفيدا له جدا في التعامل مع جهاز يكبر ويغطي احتياج زوار على مدار العام، وتم دعم وزارة التعليم بشخصيتين محترفتين هما الدكتور خالد السبتي والدكتور حمد آل الشيخ، سيكونان كما هو متوقع منهما مصدرا للدعم والمساندة.

أما التغيير الأهم فكان فهد المبارك لمنصب محافظ مؤسسة النقد الذي لاقى قبولا كبيرا في الأوساط المالية، وتنفس الكثيرون الصعداء لأجله فهو مهني ومصرفي محترف معروف بعلمه وتركيزه بلا نرجسية، وسيكون مطالبا بفتح «النادي المغلق» للمصارف السعودية حتى تتنافس، بعد أن فشلت المصارف في أن تكون عنصرا داعما لتمويل المنشآت المتوسطة والصغيرة، وكذلك لم يتحقق الغرض المنشود من إطلاق بنك الإنماء وتحول إلى بنك تجاري آخر. سيكون على المحافظ الجديد مراعاة دور السعودية كعضو في اقتصاد أهم 20 دولة كما هو معروف، وعدم الوقوع في أخطاء تضارب المصالح، فهو قد استقال من منصبين في شركتين مساهمتين، لأنه لا يجوز له الجمع بين منصبه ومنصب آخر حساس، وحتما لن يسمح بتعيين أقارب له في مناصب قيادية في بنوك، وسيكون الناس بانتظار بيانات وإحصاءات دقيقة جدا من مؤسسة النقد تعكس الواقع الحقيقي من التضخم والنمو بشكل واضح وشفاف.

التغييرات الوزارية الأخيرة مع ميزانية تاريخية مهمة ولافتة تبشر بخير وتدعو للتفاؤل، وكل الأمل أن يكون الكل قادرا على تحقيق هذا الطموح على أرض الواقع بشكل سريع وفعال لما فيه مصلحة الكل.

[email protected]