تأشيرة علي صالح

TT

بررت «واشنطن بوست» قرار واشنطن بعدم استقبال الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلا لأسباب صحية، بالقول إن الهدف منه عدم إغضاب المعارضين الشبان في اليمن. قرار لا أخلاقي وتبرير بلا أخلاق.

ولا مفاجأة. ليست هذه أول مرة تتخلى فيها أميركا عن أقرب حلفائها وتقرر رميهم من النافذة لحظة يصبحون بلا صلاحيات ولا فائدة.

نسيت «واشنطن بوست» جريدة العاصمة السياسية، أن السفير الأميركي في صنعاء أدار جزءا كبيرا من مفاوضات التسوية التي أدت إلى خروج صالح من الكرسي الفضفاض. ونسيت أنه كان أحد أهم الحلفاء في الحرب ضد «القاعدة». ومارست حياله ما مارست حيال زين العابدين بن علي وحسني مبارك، إذ كانت أول المسارعين إلى التخلي عن الخاسر والانتقال إلى صفوف الرابحين.

بالأمس خرجت الولايات المتحدة من العراق في مصافحة بين باراك أوباما ونوري المالكي، وكأن شيئا لم يكن. احتلت العراق بذريعة وجود أسلحة نووية ودمرته وحلت الجيش وفككت المؤسسات وهدت الاقتصاد وسلمت السلطة إلى قوى سياسية لا تؤمن بالشراكة الوطنية، ثم مضت وكأن لا مسؤولية عليها ولا حرج.

لا أصدقاء لأميركا. جميع الذين كانوا حلفاء بريطانيا وفرنسا، أو رجالهما، أيام الاستعمار، استقبلوا في الدولتين كرجال عاديين لا يسمح لهم بالعمل السياسي أو إضرار بالعلاقات الجديدة. لكن لم يقل لأحد منهم، لا يمكنك الدخول لأنك عدو مستجد. تستقبل أميركا ملايين الغرباء كل عام. في الثلاثينات استقبلت 25 مليون مهاجر كل عام، لأكثر من سنة.

إذا كان يحق للمعارضة اليمنية، بعد التوقيع على الاتفاق، أو التسوية الخليجية - فقط، إذا وهو في الواقع لا يحق - فبأي أنواع من الحقوق السياسية أو القانونية أو الإنسانية، تشترط واشنطن المرض على علي عبد الله صالح لكي تستقبله.

دأبت هذه الزاوية على انتقاد الرئيس اليمني منذ سنوات طويلة. ولكن هذا لا يعني أن الموقف الأميركي لا يدعو إلى الاستنكار. ولا نعرف ما هو موقف منظمة حقوق الإنسان والأمم المتحدة وسائر المنظمات التي تتخذ من أميركا مقرا لها. فالرجل ليس متهما ولا مدانا أمام هيئة دولية، بل هو شبيه بنحو 50 حاكما على الأقل من حلفاء واشنطن، الذين اقتطعوا لأنفسهم الشعوب والبلدان. وغريبة المصادفة: يستقبل نوري المالكي في المكتب البيضاوي على أنه رمز الديمقراطية وترفض التأشيرة لزائر الأمس.