كله إلا الإهانة!

TT

صحيح أن بعض الرجال ليس لهم أمان، وأولهم أنا، ولا فخر.

ولكي أثبت لكم ذلك، سوف أضرب لكم مثلا واقعيا لا يخصني، وإنما هو يخص رجلا أعرفه حق المعرفة ولا أكن له احتراما شديدا.

هذا الرجل متزوج من امرأة مدرّسة ولديه منها ثلاثة أولاد، وكانت حياتهما تسير على أكمل وجه لعدة سنوات.

وبعد أن تحسنت أحواله المادية قليلا قرر أن يبني منزلا بدلا من شقته المستأجرة، وفعلا شرع بالبناء، وعندما انتهى من الطابق الأرضي أعوزته الفلوس فتوقف، واضطر إلى أن يستنجد بزوجته التي هبت بكل قناعة لمساعدته بكامل مرتباتها لتشييد الطابق الثاني.

وانتهى البناء وانتقلوا إليه من الشقة، وأذكر أن ذلك الرجل من شدة سعادته دعا لفيفا من معارفه لحفلة (نزاله) قوامها كبش سمين، وكنت أنا من أوائل المعازيم الذين شمروا عن أكمامهم.

وبعد عدة أشهر فوجئت الزوجة المسكينة بالرجل يأتي لها بزوجة جديدة، ويطلب منها أن تظل هي بالطابق الأرضي والزوجة الجديدة بالطابق العلوي، والغريب أنها امتثلت لرغبته ظاهريا، غير أنها كانت تخطط لشيء آخر، فباركت له بصدر رحب على زواجه وأقنعته بأن يكتب باسمها على الأقل الطابق الأرضي بحكم أنها ساهمت بنصف تكاليف البناء، ووافق على ذلك، وبعد أن استلمت الصك طلبت منه الطلاق، فغضب و(أزبد وأربد)، ونكاية بها طلب منها لكي يحقق رغبتها أن تتنازل له عن حضانة الأطفال لكي يحرمها منهم، فوافقت (بنت أبوها) سريعا على ذلك، ولم يفطن (الغبي) أنها رمت في بيته (قنبلة موقوتة).

وما هي إلا عدة أشهر حتى تزوجت برجل آخر وأسكنته معها في الطابق الأرضي، (ودقي يا مزيكا) - مثلما يقول إخواننا من أهل مصر - أو (دق فليفل يا كمون) مثلما يقول أهلنا من القصيم.

وما هي إلا عدة أشهر أخرى حتى ضاقت الزوجة الجديدة ذرعا بشقاوة أبنائه العفاريت فطلبت منه الطلاق و(هجت) إلى بيت أهلها تنشد السلامة.

وأصيب الزوج بحالة عصبية حادة، أدخلوه من جرائها إلى مستشفى الأمراض النفسية، وما زال تحت العلاج، وآخر زياراتي له كانت قبل أيام، وعندما سألته وأنا خارج: ماذا تريد أن آتي لك به في زيارتي القادمة؟! قال: أريد ماء (زمزم).

ولكي أستدرك وأكون (حقانيا): فالنساء هن أيضا (فيهن ما فيهن) من البلاوي المتلتلة.

مثل تلك المرأة الخليجية التي مضى على زواجها من بعلها أكثر من (خمسة عقود) كاملة، لم يشاهد زوجها فيها وجهها إطلاقا، إذ كانت طوال تلك المدة (متبرقعة) أمامه، في ليلها ونهارها، في أكلها وشربها، في صحوها ومنامها - ولا أدري إلى الآن كيف حملت وكيف ولدت؟!

وقال لي ابنها البالغ من العمر (46) عاما، إن والدي هفت له نفسه يوما أن يشاهد ولو لمرة واحدة وجه أمي، فتورط بنزع (برقعها) وهي نائمة، فاستيقظت مرعوبة على فعلته المشينة تلك، فرقعت بالصوت (الحياني)، وطلبت الطلاق.

ويمضي الابن قائلا: حاول والدي الاعتذار، وحاولنا نحن بشتى الوسائل أن نثنيها عن طلبها، ولكن (رأسها وألف سيف) رفضت كل توسلاتنا، وتم لها ما أرادت بالطلاق، وقالت كلمة واحدة: كله إلا الإهانة!

[email protected]