محاطا بالمهنئين

TT

الأسماء التي نستخدمها في الإشارة إلى أنفسنا أخذناها عن الأوروبي الذي قسمنا إلى «شرق أوسط» و«شرق أدنى» وحتى إلى «أفريقيا الشمالية»، أي بلدان المغرب العربي. والأوروبيون أطلقوا أيضا اسمي «آسيا» و«أفريقيا». أما العرب فكانوا يقولون «أفريقية» ويعنون بذلك تونس وحدها، وليس باقي القارة، التي كانوا يشيرون إلى بعضها «بالسودان». ويرد التعبيران كثيرا عند ابن خلدون.

اليونانيون والرومان اعتبروا كل من هو خارجهم «بربريا»، واليهود اعتبروا كل من ليس يهوديا من «الأغيار»، والبريطانيون اعتبروا كل من ليس أبيض «ملونا» ويقصدون السمر والنحاسيين، أما العرق الصيني فسمي «بالصفر» بسبب صفرة المجاعة والأفيون. كل هذه التسميات تعظم المسمِّي وتقلل من قيمة المسمى. وسمى العرب الأفارقة «الزنج» أو «الزنوج»، بينما سماهم الأميركيون «نيغرو». وبعد كفاح طويل أصبحوا الآن «أفروأميركيين».

عندما يقول الأنجلوسكسونيون «أورينت» يقصدون الشرق الأقصى، إلا إذا أضافوا «الأدنى» أو «الأقصى» للتحديد. وفي الماضي كان العرب يسمون البلدان بشعوبها «بلاد الشيشان»، «بلاد الغال»، «بلاد القوقاز». ولا تزال أسماء مقاطعات بريطانيا تحمل أسماء شعوبها: إنجلترا، ويلز، أسكوتلندا، آيرلندا الشمالية. ليس في العالم العربي أسماء تمييزية: لا تغلب ولا تميم. وعندما يستخدم أحد اليوم مصطلح «الفرس» فغالبا بالصيغة العدائية، ولا أدري ما حالنا عندهم، ولكن منذ أن أطلق الإسكندر على الخليج اسم الخليج الفارسي، لأنه كان في حرب معهم، ونحن لا نزال نحاول إقناعهم بأن هذا الجانب منه على الأقل عربي، بما في ذلك الجزر الإماراتية المحتلة.

يغضب الأميركيون اللاتينيون عندما نقول أميركا بمعنى الولايات المتحدة، فندمج فيها هكذا القارة الجنوبية، إضافة إلى أميركا الوسطى. وربما كان ذلك مقبولا عندما كانت أميركا الجنوبية جمهوريات موز، ومسرحا لانقلابات العسكريين، أما هذا العام فقد احتلت البرازيل المرتبة السادسة بين عمالقة الاقتصاد في العالم. وقامت الأرجنتين من كبوتها، وبدأت كوبا تستقبل الغرباء كسياح بدل إعدامهم كجواسيس، وتذكرت حرية الفرد بعد نصف قرن من الحزب القائد والزعيم القائد.

ويتسلى كاسترو، بعيدا عن الأضواء وخطب الست ساعات، في كتابة خواطره على موقع خاص به. وهي خواطر مسلية دائما، لكن بعيدة عن الدقة غالب الأوقات. وكانت آخر تجربة لكاسترو مع التكهنات في حرب ليبيا، حيث توقع خروج القذافي مظفرا ومحاطا بالمهنئين.