نعمة القراءة السريعة!

TT

على عكس الاعتقاد الشائع، فقد وجد العلماء أنك حينما تقرأ بسرعة يرتفع معدل استيعابك بنسبة كبيرة! هذا ما قاله رائد القراءة السريعة في العالم العربي الدكتور الكويتي جمال الملا من واقع دراساته وإحصائياته، إذ درب حتى الآن أكثر من مليون متدرب حول العالم في دورات ودوائر تلفزيونية مغلقة.

وقد تبين له أيضا أن «المواطن العربي بطيء جدا في قراءته، إذ يقرأ بمعدل 161 كلمة في الدقيقة، بينما يقرأ نظيره الغربي 250 كلمة في المدة نفسها»، غير أن «سرعة قراءة الدماغ تبدأ من 550 كلمة بالدقيقة»، وهو ما يرفع نسبة السرحان أو الشرود الذهني لدى الإنسان أثناء قراءته البطيئة، الأمر الذي يجعل معدل استيعابه ينخفض. فحالنا وحال أدمغتنا مثل من لديه أحدث جهاز تكنولوجي في العالم، لكنه لا يعرف كيف يشغله!

والعربي، مثلا، بهذه السرعة يستطيع أن يقرأ كتابا من 300 صفحة، تضم الصفحة الواحدة العدد نفسه من الكلمات، وذلك في غضون 10 ساعات، بينما يلتهم الغربيون الكتاب نفسه خلال 6 ساعات فقط، هذا إذا افترضنا أن العربي يقرأ كتبا.

مشكلة كثير منا أن لديه عقدة المدرسة، فهو لا يقرأ كتابا كبيرا أو مقالا معمقا، ظنا منه أنه يجب أن يقرأه من «الجلدة إلى الجلدة» كما يقال، والأمر نفسه ينطبق على المقالات والدراسات المهمة في تطوير ذاته وعلاقته وحتى قراراته.

والمشكلة الأخرى والأهم أننا لم نتعلم فن القراءة السريعة في المدارس. أذكر أنني كنت أشاهد فيلما وثائقيا ظهرت فيه معلمة أطفال يابانية تقلب بسرعة شديدة بطاقات كتب عليها كلمات لكي تعلم طلبة السنة الأولى أن يلمحوا الكلمة فيفهموها بدلا من قراءتها. وهذه أيضا معضلة أيضا تبطئ القراءة، حيث إننا اعتدنا القراءة بصوت مسموع (التمتمة)، أو بتحريك الإصبع على الأسطر، ولا نتعامل مع الكلمات على أنها رموز يمكن فهمها بلمحة. فنحن حينما ننظر إلى الشمس أو القمر أو السيارة لا نلفظها لأننا لم نعود أدمغتنا على ذلك. ولذا فإن القارئ السريع هو من يمسح السطر مسحا سريعا بناظريه، من دون لفظ الكلمات حتى ولو في سره، لأن القراءة الصامتة لا تختلف عن القراءة الجهرية. وعن تجربة شخصية أؤكد أن العقل سوف يوقف القارئ فورا عند الكلمات المهمة أو المبهمة، مثلما يحدث معنا حينما نلمح اسما شبيها لعائلتنا أو لصديقنا في كشوف الناجحين أو في الصحف أو في الشارع.

القراءة السريعة صارت أمرا مهما أمام كم المعلومات التي تنهال علينا من كل حدب وصوب. وهي أيضا ليست خرافة، كما يظن البعض، فقد عرف عن كثيرين منهم الرئيسان الأميركيان جون كندي وروزفلت القراءة بسرعة مذهلة، واشتهر الأخير بأنه ينهي كتابا كاملا قبل تناول إفطاره! وكذلك الإمام الشافعي كان يغطي صفحة بيده وينظر في الأخرى فيحفظها في لحظات. ويقول د. الملا، إن الفنان المصري محمود ياسين ود. طارق السويدان يقرآن بسرعة أيضا.

ويمكن حساب سرعة القراءة بضرب (معدل عدد الكلمات في السطر الواحد) في (عدد الأسطر في الصفحة)، ضرب (عدد الصفحات المقروءة) مقسومة على (الوقت المستغرق في القراءة).

القراءة السريعة عموما مهارة يمكن اكتسابها بالمران، عبر دورة تدريبية، وهذه نعمة عظيمة لم يكتشفها كثير من الناس. ولمن يريد الاستزادة يمكنه البحث في الإنترنت عن مقالات أخرى تفصيلية كتبتها في هذا الشأن. وهناك أيضا كتب عربية وحلول إلكترونية منها برامج «Rocket Reader» وغيرها تساعد في زيادة سرعة القراءة والاستيعاب.

[email protected]