الدروس المستفادة من القتل الخطأ

TT

الوسائل والنقاشات التي تلت الحادث المؤسف في أولوديري (حيث قتل 36 كرديا من تركيا على الحدود العراقية كانوا يمتهنون التهريب بين البلدين، في غارة تركية خاطئة - المحرر) كانت تعليمية إلى حد بعيد.

المعلومات التي قدمتها الطائرات من دون طيار، وتحولها في الحال إلى معلومات استخبارية جعلتها أكثر شعبية في العقد الماضي.

ونظرا لأن الجيش أقل عرضة للخطر بفضل هذه التكنولوجيا، فهي تقدم ميزة عظيمة للجنرالات والسياسيين الذين يتراجعون أمام ضغط الرأي العام. بيد أن النظام لا يخلو من الأخطاء. فقد تقصف الطائرة أهدافا خاطئة كما كان الحال في العراق وأفغانستان، على سبيل المثال. لكن الجانب الأكثر فداحة بالنسبة لتركيا هو استخدامها على أراضيها، وما تلاها من نتائج سياسية وأخلاقية ونفسية مريرة لهذه الأخطاء القاتلة.

وقد علمنا مدى قوة وأهمية البنية القبلية، بداية نرى البنية القبلية حقيقة، والقبائل توجد ليس فقط على الجانب التركي لكن على الجانب الآخر من الحدود، وهي عامل مهم في الحياة السياسية والجنائية والاقتصادية والاجتماعية. ثانيا، علمنا أن حاكم الإقليم كان من موس، كردي أصوله قبلية.

هذا مهم لسببين، أنه يعني أن هناك حكاما ذوي أصول كردية ويجوز تكليفهم للعمل في المناطق التي يعيش فيها الأكراد، لكن في أعقاب الهجوم الذي يستهدف حاكم الإقليم تصرفت قبيلته بشكل أسرع من سلطة الدولة. حال حاكم الإقليم من استفحال الأمر إلى صراع بين القبائل عبر رفض عرض لقبيلته بمساعدته وحراسه.

وقد نقلت إلينا معلومات بشأن الاقتصاد الإقليمي وتمويلات حزب العمال الكردستاني، وقد علمنا مدى أهمية تهريب (السجائر والوقود والسكر، إلخ) لتمويل الفلاحين وحزب العمال الكردستاني على السواء.

وعلمنا أن جمع الحزب «التعريفات الجمركية» من المهربين لم يواجه الكثير من المشكلات المالية واللوجستية.

وقد أظهر الحادث لنا من يتصرف بشكل أسرع في السباق بين المؤسسات والدول. من الطبيعي أنه في الوقت الذي يستغل فيه حزب العمال والمتعاطفون معه المشكلة لصالحهم بشكل ديناميكي وسريع، ستتصرف البيروقراطية والحكومة بشكل أكثر بطئا. وفي النهاية سيجني حزب العمال أقصى حد ممكن من الدعاية.

وقد شهدنا أيضا أن المنافسة لا تكمن فقط بين الدولة وحزب العمال، بل بين اللاعبين غير المنتمين للدولة أيضا، وأن طبيعة الصراع بدأت في التغير وأن هناك عاملا دينيا داخلا في هذا. والحقيقة أننا شهدنا أين تنحت الرموز الدينية عن المشكلة، ومتى تواجه المشكلة وكيف يعتنقون التطورات بأفعالهم والبيانات التي يدلون بها.

شهدنا معارك تحدث بين أقسام الأمن وبيروقراطية الاستخبارات بشأن قضية أولوديري. ولا يزال القتال متواصلا حول إزاحة كل منهم للآخر من القضية مستهينا بالمقدرة المهنية للآخر ومقللا من قيمة الخصم.

رأينا محللين أكفاء في الإعلام، شهدنا بقدرتهم على كتابة سيناريوهات خلاقة متقدمة، وكيف نأت عن الحديث عن «الأخلاق والطائرات من دون طيار والقانون»، القضية المهمة في العالم أجمع.

خلاصة القول أن حادثة أولوديري، رغم كونها كارثة مؤسفة قتل فيها 35 شخصا، فإنها أبرزت لنا مدى فوضوية الموقف الذي نواجهه ومدى الارتباك الذي نعيش فيه.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية