وتظل إسرائيل هي القصة الأهم؟

TT

يبدو أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في طريقه لأن يعاد انتخابه مجددا لمنصبه، فهناك الكثير من المؤشرات الإيجابية جدا التي تتحرك بقوة لصالحه؛ فها هو يحقق وعده وينسحب «عسكريا» من الأراضي العراقية، ويقلص وجوده العسكري في أفغانستان، ويعيد هيكلة موازنة الدفاع الأميركية، وذلك كنوع من الإجراء الاقتصادي التوفيري المطلوب عمليا مراعاة لمشكلة العجز التمويلي في موازنة الحكومة، إضافة لذلك هناك تحسن ملحوظ في أداء كبرى شركات الصناعة، وخصوصا قطاع السيارات الرئيسي، الذي كان يقال عنه: «كما تشرق الشمس في ديترويت، ستشرق الشمس في واشنطن»، في إشارة لمركز صناعة السيارات التقليدي القديم في ديترويت. وكذلك هناك تحسن واضح ومتواصل في أرقام البطالة ومعدلاتها، وتواصل انخفاضها المستمر، ولكن السبب الأهم هو تدني واضمحلال مستوى منافسيه من الحزب الجمهوري وافتقارهم للقبول الشعبي العريض الكافي لهزيمة الرئيس الحالي. فلقد شهدت الانتخابات الأولية في ولاية «أيوا» أقرب نتيجة انتخابية في تاريخها، حيث حسم حاكم ولاية ماساتشوستس الأسبق ميت رومني النتيجة في الساعات المتأخرة، بعد أن عدوا الأصوات في المقاطعات بشكل دقيق ليتبين أن الفارق هو 14 صوتا فقط على حساب المرشح الجمهوري الآخر ريك سانتوريوم من ولاية بنسلفانيا، وجاء المرشح الثالث، المثير للجدل وصاحب القبول الشبابي الجامعي الكبير (على الرغم من كونه أكبر المرشحين عمرا) رون بول، وتلاه في المركز الرابع المتحدث الأسبق للكونغرس، نيوت غينغريتش، وبعده حاكم ولاية تكساس ريك بيري، وبعده ميشال بوكمان عن ولاية مينسوتا.

كلهم بذلوا قصارى جهدهم لاستمالة التيار المحافظ الاجتماعي أو حتى التيار الديني المسيحي، صاحب النفوذ المؤثر أو قطاع الأعمال، ولكن لم يتمكن أحد من كسر حاجز الـ25 في المائة من المصوتين، وهي نسبة متواضعة جدا لا تشير إلى قدرة أحد على استمالة الكل لتشكيل كتلة كافية وقادرة على هزيمة باراك أوباما، وبالتالي إسقاطه من منصبه، وهو الهدف الوحيد الذي اتفق عليه كل المرشحين بلا استثناء، ولكنهم كذلك يتفقون على الدعم المطلق لإسرائيل، وكونها الصديق والحليف الذي يجب دعمه بلا حدود ولا سقف، وذلك على الرغم من مرور أميركا بأعنف أزمة اقتصادية في زمنها المعاصر اضطرتها لتقليص كل عناصر التكلفة وتخفيض الموازنات في كل القطاعات، ويستثنى من ذلك ميزانية دعم إسرائيل العسكري والمالي والاقتصادي، بل على العكس تماما، سوق اللوبي الإسرائيلي النافذ «أهدافا» جديدة أمام الإدارة الأميركية، وضح فيها أن إسرائيل اليوم باتت مهددة من عالم عربي يغلي ويتهور باختياره متطرفين ومتشددين ليحكموه ويأتوا بحكومات منتخبة هدفها الحرب على إسرائيل، ولا تعترف بها، وهذا قدم طبعا كذريعة مناسبة جدا ليتم امتصاص البلايين من الدولارات الأميركية على حساب دافع الضرائب، المواطن الذي يئن تحت وطأة تعليم متضرر وطب وصحة مهتزة وبنى تحتية متأثرة سلبا.

ولعل أهم ما تجرأ عليه رون بول في حملته الانتخابية وكذلك ريك بيري، هو قولهما إن معونات إسرائيل المقدمة من أميركا تجب «مراجعتها»، وكان بالطبع نصيبهما من حملات التشكيك والتنكيل، حتى حولتهما إلى مرشحين غير مرغوب فيهما.

[email protected]