تضارب المصالح

TT

آفة أي حكم منذ بدء التاريخ حتى يومنا هذا هي ما يسمى بتضارب المصالح!

تضارب المصلحة قد يكون بين رئيس وشقيقه مثل حالة الرئيس حافظ الأسد وشقيقه رفعت، أو بين الرئيس المصري السابق وابنه، أو بين الرئيس التونسي السابق والسيدة حرمه، أو بين الرئيس اليمني وأسرته، الرئيس الكوري الشمالي وابنه ثم الآن مع حفيده الذي يحكم البلاد!

تضارب المصالح يعني أن يحدث تفضيل مصلحة شخص على مصلحة وطن.

قد يكون ذلك من أجل منح سلطة، أو منح منصب، أو تسهيل الحصول على مغانم مالية بشكل غير مشروع.

السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، لذلك سعت دساتير ما يعرف باسم الديمقراطيات الصناعية إلى تأسيس العقد بين الحاكم والمحكوم على مبادئ حاكمة وقواعد ضابطة، لتقييد سلطة الحاكم في التصرف في منح المناصب والعطايا والتراخيص، أو تمكين الغير المقرب من الحاكم من الانتفاع بالمال العام دون وجه حق.

لذلك لم يكن غريبا أن يقدم رئيس البنك المركزي السويسري استقالته هذه الأسبوع لأن زوجته باعت واشترت وحولت من الفرنك السويسري إلى عملات بناء على معلومات منه حول سعر الصرف الجديد، مما أتاح لها تحقيق أرباح ليست متاحة لغيرها.

ولم يكن مستغربا إصرار ملك إسبانيا على فتح باب التحقيق في فضيحة مالية تمس أحد أصهاره.

ولم يكن عجيبا أن يصدر حكم على الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، وهو أحد زعماء فرنسا التاريخيين، لتجاوزات إدارية ومالية أثناء توليه منصب عمدة باريس.

في بريطانيا طار مسؤول رفيع المستوى لأنه سهل منح تأشيرة غير قانونية لمربية أطفال آسيوية، وآخر في بريطانيا أيضا استخدم المال العام في سفر شخصي ونفقات شخصية، وفي اليابان فقد أكثر من 4 رؤساء حكومات مناصبهم لفضائح مالية بسبب علاقتهم بعمالقة الشركات الصناعية الكبرى.

أما في الولايات المتحدة، فالقوانين المنظمة لتأثير المال الخاص على مصداقية المسؤول الحكومي شديدة القسوة، وأذكر أن ريتشارد أللين، أحد كبار موظفي البيت الأبيض في عهد إدارة الرئيس ريغان، فقد منصبه لأنه قبل ساعة تجاوز سعرها المائة دولار بقليل!

وفي إسرائيل فقد إسحق رابين منصبه لأن زوجته «ليا» نسيت أن تضع في إقرار ذمتها المالية أن لديها حسابا خاصا في نيويورك فيه «ألف» وأكرر ألف دولار أميركي!

أنا لا أدعو إلى مجتمع ملائكي، فلم ولن يُخلق أي مجتمع يخلو من الفساد، ولكن كل ما نحلم به «الحد» منه بالقدر الذي لا يؤثر على سلامة القرار السياسي.