العرب المستخربة

TT

بدلا من أن تتصدى الجامعة العربية لخطاب بشار الأسد المليء بالإساءات للعرب، والجامعة نفسها، تصدت الجامعة لأحد أعضاء وفد المراقبين العرب بسوريا، وشنت عليه هجوما لا مبرر له!

فما إن كسر المراقب الجزائري الأصل أنور مالك صمته، وقال ما يمليه عليه ضميره، بأن ما يحدث في سوريا هو جرائم حرب، وأن القناصة موجودون، والجثث بالشوارع، وأن هناك عمليات تحايل يقوم بها النظام الأسدي فيما يتعلق بالمساجين، إلا وتصدى له مسؤول بالجامعة، لم يكشف عن هويته، وشن عليه هجوما حادا، وقال إن المراقب الجزائري لا يعلم شيئا عما يدور بسوريا لأنه كان عليلا طريح الفراش! وذهب المسؤول بالجامعة إلى أبعد من ذلك، وهذا الغريب والمريب، حيث قال إن المراقب الجزائري تربطه علاقة مصاهرة مع برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، وإنه، أي المراقب، يخدم أجندات أخرى!

وهذا الحديث المتشنج، وغير المسؤول، والصادر عن مسؤول بالجامعة يدفع إلى طرح تساؤلين هنا؛ الأول: هل من مصلحة الجامعة أن يفتح الآن باب مَن يقرب لمن، أو مَن هو صهر مَن، خصوصا أن الجامعة العربية ما زالت تمنح الفرصة تلو الأخرى للطاغية بشار الأسد، رغم القتل المستمر بسوريا؟ أشك أن المعنيين بالجامعة يرغبون فتح تلك الملفات، ولذا فمن باب أولى ألا يرموا بيوت الناس بالحجارة! والسؤال الثاني: ألا يظهر الهجوم الذي شنه المسؤول بالجامعة على المراقب الجزائري الذي كشف حقيقة ما يجري من جرائم بسوريا على يد نظام الأسد، أن بالجامعة العربية من هو ميال للنظام الأسدي ضد المعارضة السورية؟، وهو ما يؤكد ما كشفته بمقالي السابق «سوريا.. هل هذا صحيح؟» بتاريخ 9 يناير (كانون الثاني)، ونقلت فيه معلومات عن انتقاص مسؤول رفيع بالجامعة للمعارضة السورية، والطعن فيهم؟ أعتقد أن اللعب بات على المكشوف الآن!

ولذا فبدلا من الهجوم الحاد على المراقب الجزائري الذي قال كلمة حق، فقد كان حريا بمسؤول الجامعة أن يدافع عن وفد المراقبين العرب، خصوصا من قالوا الحقيقة، ومن تعرض منهم للاعتداء، ويرد الصاع صاعين للنظام الأسدي، وكان حريا بمسؤول الجامعة أيضا أن يرد على الأسد الذي تطاول على عرب الجامعة وسماهم بالعرب المستعربة، وقد تطاول قبله حزب الله، ولقبها بالجامعة العبرية، وذلك دفاعا عن الأسد، فكم هو غريب أن الجامعة لا تدافع عن نفسها أمام أبناء إيران وهم يصنفون العرب، ويعيّرونهم، بينما تتصدى لمراقب عربي قال كلمة حق!

الحقيقة أننا لسنا أمام عرب عاربة، أو مستعربة، كما يقول الأسد، بل إننا أمام العرب المستخربة، من الخراب، مثل الأسد وأمثاله من الطغاة، ومن قبل البعض أيضا بالجامعة، خصوصا من يدافعون عن الأسد، ويمنحونه الفرص، مثلما حاولوا فعل الأمر نفسه مع صدام حسين يوم احتل الكويت، فهؤلاء ليسوا عربا عاربة أو مستعربة، وإنما هم عرب مستخربة، وما أكثرهم، للأسف!

[email protected]