مصر الجديدة

TT

عام كامل مضى وأنا بعيد عن قرائي الأعزاء.. قراء «الشرق الأوسط» التي أكن لها كل حب وتقدير كقارئ قبل أن أكون كاتبا أنشر بها مقالات عن آثار وحضارة مصر بصفة خاصة، وآثار حضارات العالم بشكل عام. وأراني اليوم في حاجة إلى أن أوجه رسالة إلى حبيبتي ومعشوقتي - بلدي مصر - وقد مر عام دون أن أكتب عنها وعن آثارها وحضارة أبنائها الأوائل الذين قدروها حق قدرها.. عام كامل طوت فيه مصر صفحة من تاريخها بحلوها ومرها ولم تفتح بعد صفحة جديدة في عمرها المديد وحضارتها المضيئة.. تعرض تراثها آثار الأجداد لأبشع حملة تشويه، ولولا وعي وثقافة شبابها لكنا نبكي دما.

مصر هي بلدي وملاذي، كتبت عنها مؤلفات من موسوعات وكتب ومقالات ولم أوف بعد حقها... قصص وحكايات، حقائق وشائعات، عشتها ورصدتها ولم أنته من توثيقها ونشرها، والحديث والكتابة لا ينضبان عن سحر الفراعنة وأسرار حضارتهم وكهناتهم وعلومهم وأسرار التحنيط وسحر المومياوات وأسطورة الزئبق الأحمر، وحكمة أدباء الفراعنة، وآدابهم وإعجاز أهراماتهم ومسلاتهم وحياة العمال بناة الأهرام، حياتهم اليومية وثورات الفراعنة وحربهم وحياة ملوكهم العظام وملكاتهم الجميلات.

منذ أيام توجهت إلى صناديق الانتخابات لأدلي بصوتي، لأول مرة في حياتي، واختيار من يمثلني في مجلس الشعب الذي أتمنى أن يحمل ويعبر عن آمال وأحلام أبناء مصر وأن يعبر بها إلى بر الأمان لكي نفتح الصفحة الجديدة في تاريخها فأنا متفائل بغد أفضل لمصر ووطننا العربي رغم تلك الأخبار السيئة ودماء الأبناء التي تسيل في هذا البلد أو ذاك من وطننا العربي، فلا بد للغد أن يأتي، والمهم هو كيف نحافظ على تراثنا الحضاري، والذي رأينا كيف كان مستهدفا، ولا يزال إلى الآن، في ظل أجواء عدم الاستقرار المؤقت التي نحياها في كثير من أركان عالمنا العربي، أتمنى أن نجنب تراثنا وميراثنا الحضاري كل مشكلاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن نحافظ على أغلى ما نملك ونفاخر به بين العالم، فقد استغل لصوص الحضارة الثورة فعاثوا الفساد من سرقة وتدمير للآثار ونشر الرعب في البلاد، وأجواء الثورة هي أخصب الأوقات لنشاط أعداء الخير، والذين عبر الفراعنة عنهم بقوى الشر، وجعلوا لهم قائدا وربا سموه ست، إله الشر عند الفراعنة، فالمعركة ستظل مستمرة وأبدية بين أتباع الخير وأصدقاء الإله ست، وعندما تشرق شمس مصر الجديدة سيخبو ظلام إله الشر ست. الذي واجهته أكثر من مرة خلال أربعين سنة من عملي في الآثار والحفائر. أتمنى أن نملك مشروعا حقيقيا لتسجيل وتوثيق تراثنا الحضاري في أركان الوطن العربي كخطوة أولى لبناء آلية محكمة وواقعية لحماية هذا التراث والتعريف به للأجيال القادمة. لا بد أن نتعلم من أخطائنا ونستوعب دروس الماضي لكي نبني حاضرا أفضل.

وإلى لقاء متجدد بإذن الله مع قصص ما حدث خلال العام الماضي