ليس باسمنا

TT

رزان: «يا عزيزتي يا كتيبة الفاروق، من هلأ صار عندكم معتقلات فيها وسائل تعذيب وكلمة ولاه».

ماهر: «الثورة هي على ها الأشخاص قبل أي أحد آخر».

نذير: «أعارض تسليط الضوء على هذه الحادثة». «هذا أقل ما يمكن.. شو بدك إياهم يرشوه بالورود؟».

رزان: «اللي بيمارس التعذيب على عدوه بييجي يوم بيمارس التعذيب على خصمه السياسي وبييجي يوم يمارسه على أي حدا بيختلف معه.. كل ما صمتّ عن ها الممارسات راح تصير بحكم العادي»..

لهذه النقاشات الواردة أعلاه دلالات كثيرة هي في صلب المعنى الأخلاقي والقيمي لثورة غير عادية من نوع الثورة السورية. إنه النقاش المطروح منذ اليوم الأول للثورة: كيف يمكن لشعب أعزل، يئن من القمع والقتل المنظم، ألا ينقلب ويصبح على غرار جلاديه؟ وذلك تماما ما كانت عليه خلاصة الآراء التي وردت في صفحة نقاش إلكتروني بين ناشطين وناشطات سوريين، بل هي في الحقيقة في صلب نقاشات كثيرة لكنها لم تتكرس علنا بعد.

ومحور النقاش، كما يظهر، هو مقطع فيديو مسرب يظهر فيه رجل يقول إنه من المخابرات الجوية ويعترف بقتل متظاهرين سوريين. الرجل في الشريط بدا مدمى والكدمات تملأ وجهه، ومن يخاطبه كان دائما يناديه بكلمة «ولاه». ويفترض أن نستنتج أن مطلقي الشريط هم معارضون للنظام وربما مجموعة ممن يطلق عليهم اسم «الجيش السوري الحر».

ومثلما لم نصدق فيديوهات بثها التلفزيون السوري يعترف فيها ناشطون بمشاركتهم بانتهاكات، فنحن لن نصدق حكاية هذا الرجل الذي شاهدناه. لن نصدق أنه شارك في قتل سوريين، فهو الآن في مشهد الضحية وسننحاز له انحيازنا للثورة السورية.

وللحقيقة أن ما يثير قلق السوريين وكثير من داعمي الحراك السوري هو المضامين التي حملتها هذه المقاطع المسربة، التي ظهر عدد منها عبر «يوتيوب»، وتحمل الفكرة نفسها، وهي اعتماد منهج الضرب والتعذيب، وأحيانا القتل، ضد عناصر من الجيش السوري أو من شبيحة النظام وداعميه على قاعدة أن ممارسات النظام السوري تبرر للمعارضة أو لبعضها اعتماد النهج نفسه.

هذا الأمر لم تتردد ناشطات جريئات مثل رزان زيتونة وسمر يزبك وأخريات وآخرين في إثارته علنا وإدانته بصفته أمرا شائنا يفقد الحراك السوري مصداقية عمدها بدماء غزيرة لا ينبغي بأي حال، ومهما كانت التبريرات، أن تصبح حجة. أي ثورة أو حركة احتجاج على نظام طاغٍ ومستبد ستفقد من شرعيتها إذا عمدت لاستعمال وسائل النظام وأساليبه في القتل والقمع والإبادة. وكأن هؤلاء الناشطين يصرخون بمرتكبي تلك الأفعال: لا تفعلوا هذا باسمنا ولا تشوهوا ثورتنا، وأفعالكم هي تماما ما نريد الخلاص منه..

في صفحتها، وردا على بعض من حاول التماس العذر لممارسي تلك الأعمال بذريعة أنهم ضحايا النظام، تقول سمر يزبك: «الثورة السورية استثنائية في التاريخ، وممارسات كهذه ستحرفها عن استثنائيتها».

في المقابل، علينا أن نمارس رقابة استثنائية على الثورة وأن نكون أشد نقدا لها وأكثر حساسية حيال ما يرتكب باسمها.

هذا ما فعلته رزان وسمر..