«الأوسكار» السياسي المصري!

TT

أفضل لاعب على مسرح الأحداث خلال العام الماضي في مصر هو جماعة الإخوان المسلمين.

وحينما أقول «أفضل»، لا أقصد بذلك التفضيل السياسي، ولكنني أقوم بتقسيم الأداء من الناحية التقنية، بمعنى كيف هو أداء هذا الفريق في ملف إدارة الأزمة مقارنة بغيره من الأفرقاء.

فهم «الإخوان» حقيقة المشهد السياسي في مصر، وعرفوا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورث تركة ثقيلة سوف ينشغل بها حتى تاريخ تسليمه السلطة، وعرفوا أن الثوار انشغلوا باستمرار الثورة أكثر من انشغالهم بنقل الثورة من الميدان إلى البرلمان!

إذن الجنرالات مشغولون بالبلاد، والثوار في الميدان، لذلك قرر «الإخوان» أن ينشغلوا بالبرلمان.

وكان لهم ما خططوا له بمهارة وإتقان وحصدوا المقاعد.

سوف يخرج المجلس الأعلى من حصاد التجربة جريحا بأحداث صدامات ماسبيرو والقصر العيني ومجلس الشعب واتهامات التواطؤ والتباطؤ التي كيلت ضده.

وسوف يخرج الثوار من حصاد التجربة بجروح الاتهامات بالعمالة وتعطيل مصالح البلاد والسعي إلى تفكيك الدولة.

وحدهم «الإخوان» يحصدون أرباحهم، وخسائر غيرهم، وكأن القدر يحنو عليهم بعد 80 عاما من الظلم والاضطهاد وصراع السلطات الحاكمة من ملك إلى رئيس إلى رئيس إلى رئيس!

هنا يأتي السؤال الحاكم: إذا كان ذلك هو أداء المعارض، فكيف سيكون أداؤهم عند تولي السلطة والمسؤولية التنفيذية حينما يشكلون حكومتهم؟

الأوضاع المصرية الداخلية، وتدهور الملف الاقتصادي، وارتفاع سقف الأحلام والمطالب لدى الناس البسطاء في مصر، أكبر وأعقد وأصعب من قدرة أي طرف أن يتصدى لها منفردا.. إذن ماذا سيفعل «الإخوان»؟

المعلومات المتوفرة أنهم عكفوا في الفترة الأخيرة على إرسال وفود سياسية واقتصادية من الخبراء إلى عدة دول أهمها: تركيا وماليزيا وإندونيسيا، للاستفادة من تجاربها في عملية الانتقال السريع من نظام مأزوم إلى نظام مزدهر بأقل تكلفة اجتماعية.

وفي يقيني، أنه فور تولي «الإخوان» مسؤولياتهم، فإن الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة واليابان، وكثيرا من الأشقاء العرب، سوف يدعمونهم ماليا بهدف إنجاح التجربة.

في الماضي، كان دعم أي رئيس في مصر هو دعم لحكم فردي للبلاد، الآن سيكون الدعم لحزب سياسي حصد أصوات الملايين بتجربة حرة ونزيهة لا يرقى إليها الشك.

الأزمة في مصر ليست نقص السيولة المالية، بقدر كونها نقص السيولة في الخيال السياسي المبدع القادر على إدارة الأزمة.