حينما تحدث الفريق

TT

كعادته في الوضوح والمباشرة، بحيث صارت تصريحاته هي المفضلة لدى الإعلام، كشف الفريق ضاحي خلفان، قائد شرطة دبي، النقاب عن الهواجس الخفية للعقل الخليجي السياسي تجاه ما يجري الآن في المنطقة.

خلفان قال في كلمة له في مؤتمر الأمن الوطني والإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي انعقد في العاصمة البحرينية المنامة: إن تبعية العراق لإيران أمر يهدد أمن الخليج، كما أن البرنامج النووي الإيراني يهدد أمن الخليج، ولو كان سلميا.

وشن خلفان هجوما لاذعا على «الإخوان المسلمين» واعتبر تنظيمهم تهديدا للأمن الخليجي. وقال «إن أميركا تؤيد (الإخوان المسلمين)، وأقولها بكل صراحة: إن (الإخوان) لا يتمنون رؤية شيوخنا حكاما في الخليج».

ولم يغفل الفريق خلفان تهديدات الأمن السياسي المتعلقة بضعف الانتماء الوطني ووجود فجوة بين الحاكم والمحكوم، وترهل الإدارة وضعف الشفافية، وخطر الفساد.

وهاجم خلفان الغموض الأميركي في السياسة الخليجية، وعدم وضوح الأجندة الأميركية، الأمر الذي أثار غضب السفير الأميركي في القاعة فغادرها، حسب الأخبار. وتحدث الفريق عن تراجع ثقة شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الدور الأميركي بالمنطقة، وعن تساؤلهم حول تحقيق مصالحهم وأمنهم.

صدق الفريق في حديثه عن اضطراب السياسة الأميركية، في منطقتنا، ورأينا هذا رأي العين في تسليم العراق، بالمفتاح، إلى أتباع إيران في العراق من الأحزاب الشيعية الأصولية، وعلى رأسهم نوري المالكي.

ورأينا اضطراب الموقف الأميركي في تأييدهم المبكر للمخطط القاضي بإسقاط حكم مملكة البحرين وإقامة «الجمهورية» الإسلامية، كما صرح مشيمع، ولمح غيره، ثم بعد أن فرض الخليجيون قوة الأمر الواقع من خلال التدخل بدرع الجزيرة لإنقاذ البحرين، وإحباط المخطط الإيراني، بلع الأميركيون لسانهم وغيروا لغتهم. فلم نسمع كلمة «الآن الآن» التي قيلت لمبارك في مصر.

لن يفهم الآخرون مصالحك إلا إذا كنت أنت نفسك تفهمها وتعيها وتقدر على الدفاع عنها. تعالوا إلى حديث الفريق عن خطورة «الإخوان» المستقبلية على أمن الخليج السياسي، وكيف يتباين «الإخوان» في رؤيتهم السياسية لطبيعة الأنظمة والسياسة في المنطقة، هل صدق الفريق في تحليله أم هو يبالغ؟

والأهم من هذا هل يتفق بقية أهل القرار في الخليج مع هذا التصنيف للخطر؟

طبعا لا، فقطر على سبيل المثال هي «يثرب» الإخوان المسلمين في العالم العربي، فهي تؤوي الأب الروحي والمالي والإعلامي لهم في الخليج، وهو يوسف القرضاوي، وقد سخرت قناة «الجزيرة»، بل قنواتها كلها لهم. ناهيك عن أنواع الدعم الأخرى.

بينما نرى دولة الإمارات لديها موقف صارم جدا تجاه التنظيم الإخواني، لدرجة شديدة الحزم والوضوح، وفي السعودية كانوا لاجئين وممكنين في حضن الدولة والمجتمع، حتى حدث الشرخ السياسي الكبير بعد حرب تحرير الكويت، ثم قيام ما يسمى محور الممانعة قبيل سنة الربيع العربي، وكيف ساهم «الإخوان»، خصوصا إخوان مصر، في تنمية وتضخيم هذا المحور بقيادة إيران ضد دول الخليج ومن معها من الدول العربية.

شخصيا أعتقد أن تمكن «الإخوان» من الحكم في مصر وتونس واليمن لاحقا - إن استطاعوا تجاوز التحديات الخطيرة في الاقتصاد والسياسة والأمن - قد يمكنهم من تشكيل محور جديد، أظن أن دول الخليج لن تجني منه خيرا، ولديهم خبرة في الانقلاب السياسي، ويكفي التذكير بما فعلوه بإمام اليمن يحيى حميد الدين عام 1948 بتدبير من مرشدهم وإمامهم الأول حسن البنا، والجزائري الفضيل الورتلاني.

حديث الفريق خلفان عن أخطار المستقبل التي تهدد الخليج ضروري، لإصلاح الأنظمة وقمع الفساد وإطلاق طاقات الناس بالاتجاه الصحيح.. لا مجال للتراخي والتسويف، لإصلاح البيت من الداخل وحمايته من الخارج.

[email protected]