«ماذا لو أن إخوانجيا..»!

TT

كتب زميل بإحدى الصحف السعودية مقالا ينتقد فيه قرار المحكمة الإسرائيلية برفض الاعتراف بزواج المواطنين العرب بإسرائيل من مواطنين بالضفة الغربية وغزة والأردن ومصر. ومع الزميل، بالطبع، كل الحق بانتقاد ذلك القرار العنصري، لكن هذه ليست القضية موضع النقاش هنا.

ففي مستهل مقال الزميل جاء ما نصه: «ماذا لو أن إخوانجيا من حزب الحرية والعدالة صرح، مجرد تصريح، بأن الإخوان لا يعترفون بزواج المصري من يهودية، حتى لو حدث الزواج قبل عقد من الزمان؟! بالطبع ستثور الدنيا من أقصى الشمال في كندا إلى أقصى الجنوب في القطب المتجمد الجنوبي، وسيتهم الإخوان بالعنصرية البغيضة والتطرف الأعمى وبمناهضتهم لحقوق الإنسان»! انتهى الاقتباس.

وعليه؛ فإن السؤال هو: لماذا اختزل الكاتب السعودي جميع المسلمين بالإخوان؟ لماذا لم يقل: لو أن مسلما؟ لماذا لم يقل: لو أن نظاما إسلاميا؟ الإجابة المنطقية بالطبع هي أن الكاتب، مثله مثل غيره، سواء بالمنطقة أو بالسعودية، بات يشعر بغرور اللحظة الناجم عن صعود نجم الإخوان في معظم دول المنطقة التي طالها الربيع العربي، أو الزلزال العربي. فلو كان الكاتب يضرب المثل فقط بمصر، أو الحالة المصرية، مثلا، فلماذا لم يقل: ماذا لو أن سلفيا؟! والسلفيون أقرب للانفعال ضد كل ما يتعلق بإسرائيل، وإن كانوا مثلهم مثل الإخوان اليوم يرون بأن لا غضاضة بالتفاوض، ولم يعودوا ينكرون على من يعترف بمعاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل، بعد أن كانوا يخونون كل من ينافح عنها!

إنه غرور اللحظة بالفعل، ولذا نجد اليوم من يجاهر بالدفاع عن الإخوان، بل ويتصرف وكأنه سفيرهم لدى السعودية، مثلا، وغيرها من دول الخليج، كما يحاولون تلميع الغنوشي، رغم كل مواقفه السابقة، والمثبتة، تجاه الخليج، كما يحاولون إقناعنا اليوم بأن الإخوان هم الحل، بعد أن كان الشعار «الإسلام هو الحل»! فلو تبصر هؤلاء قليلا لوجدوا أن الإخوان، والسلفيين، في ورطة حقيقية، حيث باتت لحومهم حلالا بعد أن نزلوا إلى ملعب السياسة، ولن يقول لهم الناس الآن «جزاك الله خيرا يا شيخ»، وإنما كيف أسدد فاتورتي، وأوظف ابني وابنتي، والفرق شاسع بالطبع! فلو لم يكن غرور اللحظة طاغيا لما اندفع الكاتب لحد القول بأنه: ماذا لو أن إخوانجيا رفض الاعتراف بزواج مصري بيهودية، حيث سهى الزميل العزيز عن أن الدين الإسلامي يجيز أصلا زواج المسلم بيهودية، فاليهود من أهل الكتاب، فكيف سيحرم الإخوان إذن ما أحله الله؟

وعليه؛ فإن لحظة الغرور هذه لدى مريدي الإخوان تعد خطرا؛ حيث تشغلنا عن السؤال الجوهري وهو: هل يستطيع الإخوان بناء دولة وفق مبدأ «أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف»، يكون الدين فيها لله، والوطن للجميع؟

التجارب لا تنبئ بخير، ولذا فإن النقاش والحذر مطلوبان، خصوصا بعد أن رفض إخوان مصر نصائح أردوغان الشهيرة!

[email protected]