صعود نجم قاسم سليماني على حساب من؟

TT

الفريق قاسم سليماني، قائد فيلق القدس أقوى ميليشيا في الحرس الثوري الإيراني، والرجل الأكثر قربا للمرشد علي خامنئي، أطلق تصريحات جريئة تتناسب مع صلاحياته النافذة التي تجاوزت حدود إيران إلى العراق وسوريا. قال في معرض إعلانه لدوره القادم في مواقع النفوذ الإيرانية بأن جنوب لبنان والعراق مناطق تقع تحت السيطرة الإيرانية.

لم يأتِ الفريق سليماني بجديد فيما يخص جنوب لبنان، وليس من حق قوى «14 آذار» أن تحتج على هذا التصريح، بزعم أنه انتهك سيادة الدولة اللبنانية، فأمين عام حزب الله، المهيمن على جنوب لبنان، قد أعلن سابقا أن «القيادة والإرادة وولاية الأمر وقرار الحرب والسلم هي بيد ولاية الفقيه». إنه إعلان ولاء صريح لا تشوبه شائبة شك، ووزراء حزب الله في الحكومة اللبنانية الذين يعملون تحت إمرة أمين عام الحزب، أي يتبعون ولاية الفقيه، هم جزء من متخذي القرار في الدولة اللبنانية، بحكم عضويتهم في مجلس الوزراء، ويحتكمون على شؤون اللبنانيين حتى وإن جاءوا بلي ذراع القانون، لذلك فسليماني كرر ما يعرفه اللبنانيون، واصطناع الدهشة أو الغضب لن يغير من واقع الحال شيئا.

في العراق، حتى الساسة من السنّة يعترفون بخنوع أن فيلق القدس هو الآمر والناهي في الشأن العراقي، حتى قبل خروج القوات الأميركية، وتعزز حضوره وسيطرته بعد خروجها، وأن قاسم سليماني بشكل خاص يشعر أن الحرب العراقية - الإيرانية التي بدأت في ثمانينات القرن الماضي انتهت للتوّ بانتصار الإيرانيين، وأنه أحد أهم قادة هذا الانتصار. أما رئيس الوزراء نوري المالكي فهو خاضع عن طيب خاطر لهذه السيطرة، لأنها هي التي جاءت به إلى الحكم وهي سبيله الوحيد للبقاء.

مهمة سليماني بسيطة في لبنان والعراق، لأن المصالح الإيرانية هناك محروسة بحزب الله وائتلاف دولة القانون، ولكن المهمة صعبة في سوريا، لأنها محاولة تدخل جراحي لإنقاذ روح النظام هناك من الهلاك.

إن استطاع سليماني، كما هو مخطط له، أن يؤخر سقوط النظام، فسيكون هذا النجاح، وإن بدا مؤقتا أو ضعيفا، مؤشر صعود لنجم سليماني على حساب رئيس الجمهورية الحالي أحمدي نجاد. بإمكان سليماني تأخير سقوط النظام السوري بالممارسة الإيرانية المعهودة، وهي خلق إشكالات جانبية تشتت تركيز النظام الدولي عن القضية الأم، خاصة فيما يمس الشأن الغربي، كعمليات خطف الأجانب، أو تنفيذ عمليات ضد مصالح غربية في الخارج، أو اغتيال شخصيات سياسية، أو الذهاب بعيدا بالاستعانة بعناصر من تنظيم القاعدة فعلا لتنفيذ عمليات إرهابية داخل سوريا أو في بلدان عربية.

إن تشبث إيران بمحاولة إنقاذ النظام السوري، رغم صعوبة هذه المهمة، ينطوي على رغبة خامنئي في إظهار عدم تخليه بسهولة عن حلفائه، ومرآة أخرى تعكس قوة النظام الإيراني لا تقل عن قوة إصراره على إنجاز مشروعه النووي، والحلفاء هنا هم القريبون، في لبنان والعراق، وبالأخص لبنان الذي يتأرجح بين كفتين منذ استقلاله، فحلفاء النظام السوري في لبنان يعيشون قلقا غير مسبوق، الجنرال عون ربما يشعر بقلق من سقوط النظام السوري أكثر من بشار الأسد نفسه، لأنه هزيمة سياسية ومعنوية لم تكن في الحسبان. أما تعمد خامنئي نقل قاسم سليماني من خلف الكواليس إلى بقعة الضوء فهو رسالة للداخل الإيراني، وتحديدا لأحمدي نجاد، بأن الأهداف تباعدت، والمواقف اختلفت، والقرارات بالتالي اتخذت بعدا عمليا.

[email protected]