عزة الجرف وإخوانها

TT

زاوية الصورة أطرت مشهدا لسبعة أو ثمانية نواب من السلفيين تدلت لحاهم أمام مقاعدهم وعلت جباههم دمغة داكنة، بينما كان ثلاثة منهم غارقين في نوم عميق ورابع يتلهى بهاتفه الجوال..

ليس مستغربا أن تتصدر تلك الصورة من صور مجلس الشعب المصري الجديد التغطية الإعلامية للجلسة الأولى للبرلمان المصري في حقبة ما بعد الثورة؛ حيث باشر الإخوان المسلمون والسلفيون وضع الحجر الأول لمرحلة حكمهم المقبلة.

الصورة انتشرت على نحو واسع في مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث كانت مدار تندر من جهة ومصدر قلق من جهة أخرى.

وللحقيقة، فإن المظاهر ذات الطابع الإسلامي، الإخواني والسلفي، تعددت في الجلسة التاريخية لمجلس الشعب المصري، وقد حرص الإسلاميون، الذين يسيطرون اليوم في مصر، على إظهار تلك الملامح أمام وسائل الإعلام، وهو حرص ينبع، ربما، من خلل في تقدير مدى الأثر الذي ستخلفه تلك المشاهد وانعكاساتها عليهم في الدرجة الأولى.

فمن مشادات جرَّاء الإصرار على إدخال عبارة «بما لا يخالف شرع الله» في بيان القسم الذي كان يتلوه النواب مباشرة على الهواء، إلى تعمد بعض النواب قراءة القرآن في الجلسة على نحو استعراضي، وصولا إلى طلب تعليق الجلسة لأداء الصلاة، ولتكتمل الصورة تضيق زاوية الكاميرا باحثة عن برلمانيات، فبالكاد تصل إلى نائبات ضربن بخُمُرهن على جيوبهن تجمعن في مقاعد، بما يوحي بعدم رغبتهن بالاختلاط مع زملائهن النواب الذكور، ومن بينهن النائبة عن الإخوان عزة الجرف.

صحيح أن الثورة أسقطت نظاما ديكتاتوريا فاسدا، وأن الانتخابات هي التي جلبت الخيار الإخواني والسلفي إلى البرلمان الجديد، لكن الظلام بدأ يطل من نافذة البرلمان المصري. فما يخلفه مشهد نواب الإخوان والسلفيين لا يشعر المرء أنه أمام إسلام متنور، وما يحرص هؤلاء على إظهاره في شخصياتهم لا يؤشر إلى أن هناك جهدا لوصل الهوية الدينية بالمضمون الزمني للحياة الحديثة، خصوصا أن الجلسة الأولى شهدت حرصا من هؤلاء على مضامين التدين من زوايا ضيقة على حساب دور الدولة الحديثة التي يفترض أنهم انتخبوا للعمل من أجلها.

ليس البناء على أداء الجلسة الأولى أمرا تفصيليا، وكذلك حديث صحافي أدلت به نائبة الإخوان عزة الجرف ذكرت فيه إيجابيات وصول الإسلاميين إلى السلطة، من بينها مثلا أنه لا داعي لتعديل قوانين الطلاق في مصر؛ ذلك أن دولة الإخوان المسلمين، بحسبها، لن تشهد طلاقا.. وهي إذ قالت ذلك لم تعِ أن في قولها ما يدين الجماعة التي تمثلها. فلا طلاق، بحسب المؤشرات الإحصائية، يعني أنه لا عمل للمرأة ولا تعليم لها ولا حرية أيضا..

لا طلاق يعني أن سوء التفاهم بين الرجل وزوجته يُحل بزوجة ثانية وثالثة ورابعة..

لا طلاق يعني أننا أمام انسجام قاتل لا يستقيم إلا بواسطة نظام تعسف يدخل من الشارع إلى البيت فيحيله صداميا أو أسديا أو قذافيا..

صور ممثلاتنا (نحن النساء) في البرلمان المصري مضافة إليها صور ممثلينا بلحاهم السلفية ستكون جزءا من مستقبل قريب غير مشع، لكنها لن تكون مستقبلنا على المديين المتوسط والبعيد.

diana@ asharqalawsat.com