منح اتحاد الكتاب الروس جائزته السنوية إلى الرئيس السوري بشار الأسد! لم يمنح الجائزة لمستشارة ألمانيا، ولا للرئيس الفرنسي، ولا لملك إسبانيا، ولا لرئيس جنوب أفريقيا، ولا لرئيس وزراء تركيا.. ولكن للرئيس السوري.
جائزة عام 2011، عام المجازر، مُنحت لرئيس النظام الذي حدثت في عهده كل عمليات القتل والسحل والاعتقالات والخطف والترويع والاعتداء على المتظاهرين السلميين. بئس الثمن الذي تبيع به موسكو ضميرها!
روسيا الاتحادية، الدولة العظمى، صاحبة المقعد الدائم في مجلس الأمن، صاحبة السلاح النووي، ذات التاريخ العظيم والثورات والكتابات والإبداعات الإنسانية تبيع ذلك كله من أجل فاتورة مصالح ضيقة! قد يقول البعض إن الموقف الروسي الرافض تماما أي عقوبات أو ضغوط دولية ضد النظام السوري يرجع إلى العلاقة التاريخية بين البلدين. هذا المنطق هو منطق مغلوط للغاية؛ فالنظام الروسي حاصل على بطولة العالم في الانتهازية السياسية، خاصة منذ تولي بوتين للرئاسة ثم انتقاله لرئاسة الحكومة.
روسيا ترى في سوريا 5 كنوز استراتيجية تريد المحافظة عليها:
1) سوريا من أهم مشتري السلاح الروسي، منذ الاتحاد السوفياتي القديم، خاصة أن منظومة التسليح السوري هي روسية في معظمها.
2) السلاح الروسي يتم دفع فاتورته إما نقدا وإما مقابل نفط من إيران.
3) سوريا توفر واجهة استراتيجية نادرة للأسطول البحري الروسي على المتوسط من خلال تسهيلات دورية في بانياس وطرطوس.
4) دمشق من خلال قوتها الاستخبارية في المنطقة تعتبر قاعدة معلومات أمنية مهمة للاستثمارات الروسية.
5) الشركات الروسية الخاصة بالتنقيب عن البترول تعتمد على الضغوط السورية على لبنان لإعطاء روسيا امتياز التنقيب عن البترول والغاز قبالة السواحل اللبنانية.
هذه الحزمة السورية من المحفزات والمصالح تجعل روسيا الصديق القوي المساند للنظام في دمشق وتفسر لنا العناد الروسي تجاه أي ضغوط أو عقوبات ضد نظام الأسد. فالحسابات الروسية، كعادتها، انتهازية، وقصيرة الأمد.
وفي يقيني أن روسيا - حتى الآن - تتخذ موقفها هذا لأنها لم تجد عرضا أكثر إغراء أو ثمنا يقنعها ببيع العلاقة مع دمشق وفك الارتباط مع نظام تعلم موسكو أنه ذاهب لا محالة مهما طال الزمان أو قصر.
والمنطق يقول: إن وفود جامعة الدول العربية الخاصة بالملف السوري يجب أن تدق أبواب موسكو كما دقت أبواب نيويورك. واللاعب الروسي بانتظار مغازلة واشنطن والعالم العربي له من أجل الحصول على فاتورة بيع العلاقة مع سوريا.
وكما قال دبلوماسي سوفياتي سابق وهو يصف السياسة الخارجية لموسكو عقب تفكك الاتحاد السوفياتي: «ستكون مثل فتاة البار التي تنتظر من يدفع السعر الأعلى لشرابها المغشوش»!