لو لم أكن «فوليا» لوددت...

TT

أعظم اختراع نباتي في تاريخ البشرية هو الفول!

عرفه العالم في مصر، وجاء ذكره على معابد الفراعنة، وفي كتب المؤرخين، وأيضا في القرآن الكريم. وجاءت عملية «تدميس» الفول كأهم تدخل كيميائي عرفه علم الطهي، بمعنى أن تضع الفول داخل إناء كبير متسع من الوسط، ضيق عند العنق، يُعرف باسم «القِدرة» يبقى مستمرا على النار لساعات طوال كي ينال حظه من الإنضاج الهادئ.

والفول هو طعام الغني والفقير، وهو صالح لكل الوجبات، يتم طهوه بـ86 طريقة تم حصرها حتى الآن. ولولا الفول لقامت في بعض الدول العربية مائة ثورة وثورة؛ فهو الوجبة الشعبية القادرة على ملء البطون وعدم إرهاق الجيوب.

وللفول تأثير كيميائي عجيب على ضحاياه بعد التهامه، يجعلك تشعر أنك ابتلعت علبة كاملة من المهدئ شديد المفعول مضافةً إليها علبة أخرى من الحبوب المنومة التي تجعل الفيل الهندي يرقد على «زلومته»! هذا الشعور بحسن الحال الممزوج بالبلاهة، الذي يصيب الإنسان بعد تناول الفول المدمس، هو خير مضاد لمواجهة غباء البشر وخيانة الأصدقاء وثقب الأوزون!

وتزداد خطورة القوة التدميرية للفول إذا أضيفت إليه بعض المكونات الكيميائية أو النباتية؛ فالثوم والبصل يزيدان الأمر صعوبة، وحامض الليمون ومعه الكزبرة الناشفة يجعلان الأمر معقدا، ومزيج الفلفل الأخضر والشطة الحمراء يجعل الإنسان يستغيث: «أحد.. أحد».

واختراعات الإضافات على أطباق الفول لا تنتهي؛ فهناك الفول بالسجق، والفول بالبسطرمة، والفول بطعم الكباب، وذلك بإضافة جمرة فحم داخل قطعة بصل في منتصفها قطعة زبد! والجديد في عالم الفول: الفول بـ«الباشاميل» والفول بالكاري الهندي!

وأعمل هذه الأيام جاهدا لتشكيل جمعية أصدقاء الفول، أرشح لرئاستها صديقا أكاديميا ورجل أعمال من الرياض أصبح منزله صباح كل يوم جمعة مقرا لوليمة من مكونات الفول ومشتقاته! (أحتفظ باسم الصديق سرا خوفا على حياته وعلى قيام آلاف المتظاهرين من حزب الفول بمحاصرة منزله، كلٌّ يحمل في يده سلطانية فخارية مطالبا بحصته من الفول). وأقترح أيضا أن يكون نشاط جمعية أنصار الفول هو الدفاع عن هذا الغذاء العظيم تجاه تلك القلة المندسة التي تطلق النكات المغرضة المعادية للفول وأنصاره، الذين لا يتخيلون حياتهم بلا فول وثوم وبصل وفلفل أخضر في طبق يسبح في بحيرة من الزيت!

وأنصار الفول يؤمنون بأن زيت الفول يعطي طاقة أهم من وقود محطة البنزين، فالسيارة التي فيها وقود سوف ينتهي وقوده بعد ساعات، مقابل رجل يتناول طبقا من الفول يظل وقوده فيه أبديا! وقيل إن مهندسا ألمانيا تناول الفول في الثلاثينات فقام بتصميم سيارة لهتلر أسماها «فولكس فاغن» تعظيما للفول. نسيت أن أذكر أن شعار جمعية أصدقاء الفول هو: «لو لم أكن فوليا.. لوددت أن أكون فوليا».