إنها أسئلة.. ويا لها من أسئلة

TT

إنني أتساءل مع الدكتور (محمد القويز) ونقول لمن يقرأ ويتفكر: تخيل أن هناك مجموعة من الشباب دخلوا أحد المساجد جهارا نهارا، وما إن التأم شملهم في فناء المسجد حتى ضربوا على دفوف كانت معهم، وتناغمت ضربات الدفوف مع الكلمات والحروف، وصاحب ذلك طرب واضح ورقصات بالعصي تنبئ عن تمرس في الطرب. ووقف جمع كبير من الناس يتفرجون ويستمتعون بما يحدث وكأنهم يؤيدون ما حدث في بيت الله. فماذا سوف يكون رد فعلك يا عزيزنا القارئ.. هل تشجب أم تؤيد؟!

ولكي لا نبتعد بك كثيرا نقول: نعم إن هذا قد حصل في المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، أما النفر الذين كانوا يتفرجون على ضاربي الدفوف فقد كان منهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) ونفر من الأحباش. أما لماذا لم ينكروا على ضاربي الدفوف، فالحقيقة أن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) طلب منهم أن يزيدوا كما جاء في الحديث «جدوا يا آل أرفدة لتعلم يهود أن في ديننا فسحة».

والآن نطلب منك أيها القارئ الكريم أن تعود لرد الفعل الأول الذي خطر ببالك وأنت تقرأ الأسطر الأولى في هذه المقالة، فإن كان رد فعلك إقرارا لما حدث فاطمئن، لأن ذلك هو بالضبط ما فعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم). أما إن كنت شعرت بالغضب وعزمت على استخدام لسانك أو يدك في إنكار ما حدث فعليك مراجعة نفسك لأنك خالفت في ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

وبما أنهم يقولون «حط بينك وبين النار مطوع»، لهذا حطيت بكل رحابة صدر الدكتور (القويز) بيني وبين النار وأنا مطمئن ومرتاح البال. وأزيد على كلامي هذا ما قالته أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)، من أن المصطفى (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال «لا خير في من لا يطرب»، وورد في الصحيح أيضا أن عائشة قالت «إن الرسول كان ألين الناس، بساما ضحاكا، وإن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتمازحون و(يتبادحون) بالبطيخ» - أي أنهم كانوا يقذفون بعضهم بعضا بقشر البطيخ كنوع من توسيع الخواطر واللهو البريء.

إذن فما بال بعض الناس كصخرة الوادي التي ذكرها (المتبني) لا يطربون ولا تحركهم حتى الأغاريد؟!

ما بالهم قساة غلاظ لا يبتسمون ويضحكون؟!.. ولا نشاهد منهم إلا تقطيبة حاجب أو زبيبة داكنة على الجبين؟!

ما بالهم لا يتمازحون؟!.. وإنني أعفيهم حتى من (التصفيق) فهو محرم عند البعض منهم، ناهيك عن (طقة الإصبع).

ما بالهم استبدلوا بالتقاذف بقشر البطيخ التقاذف (بالتضييق) المسيل للدموع والمسيل للدماء كذلك؟!

ما بالهم لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل على الناس المحبين للحياة؟!

إنها أسئلة، ويا لها من أسئلة (تفقع المرارة).

[email protected]