أبو مازن حاكم شمولي!

TT

«رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس يهنئ رئيس الوزراء الجديد السيد محمود عباس بتوليه مهامه، ويدعوه للاجتماع برئيس اللجنة المركزية لحركة فتح السيد محمود عباس، وبرعاية رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير السيد محمود عباس، في منزل القائد العام للقوات المسلحة الفلسطينية السيد محمود عباس!».

هذه نكتة يتداولها الفلسطينيون في مناسبة تعيين أبو مازن نفسه رئيسا للوزراء، حيث حل محل سلام فياض، وسد الطريق على قادة حماس الذين لا يزالون يسمون أنفسهم الحكومة، والسلطة تسميهم الحكومة المقالة.

والغريب أن أبو مازن قال إنه يصر على الاستقالة ثم منح نفسه منصب رئيس الوزراء، ونحن نعرف أن حركة فتح، التي تمثل الحزب الحاكم، بالفعل لا تملك بدائل له كرئيس ولا تريده أن يستقيل، يريدونه رئيسا لكن لم يقل أحد إن من حقه أن يصبح رئيسا للوزراء!

ومع محبتنا لأبو مازن إلا أنه صدم الجميع برغبته في إدارة الحكومة في وقت تقوم فيه الثورات ضد الحكام الشموليين الذين يستولون على كل الدولة. وهناك كثير من الهمس حول الخلاف مع سلام فياض رئيس الوزراء المستقيل، حيث إنه سد الطريق على تدخلات كبار رجالات السلطة وهذا سر رغبتهم في خروجه، وتولي أبو مازن للمنصب سيفتح باب الشائعات والاتهامات لاحقا، وهو ليس في حاجة لتشويه سمعته وتاريخه.

والأسوأ من ذلك أن المنظمات والدول الكبرى المانحة التي تقوم عمليا بتمويل ميزانية الحكومة الفلسطينية قد ترفض هذا التكليف وتوقف دعمها. أمر سبق أن قالته الحكومات والصناديق الدولية، التي تثق في سلام فياض وكان تكليفه شرطا لاستمرار مساعداتها. وبعودة حماس لخيمة السلطة الفلسطينية، إن عادت حقا، ستكون هذه الجهات المانحة أكثر تشددا في كيفية استخدام معوناتها. وقد تسبب استيلاء، أو تولي، عباس منصب رئاسة الوزراء في انشقاق حماس، حيث يعتبرها البعض قرصنة مرفوضة على منصبهم، والبعض الآخر ينظر إلى أبو مازن على أنه أهون الشرين وخيار أفضل من سلام فياض. فقد عرف فياض كرجل صارم في أوجه الإنفاق، وكان ناجحا في إصلاح الاقتصاد في الضفة الغربية، رغم إمكانياته البسيطة، عدا أنه اشتهر بنزاهته. وهذه الصفات لا ترضي حماس كثيرا كفريق منافس لفتح ولحكومة أبو مازن.

على أية حال، صراع المناصب كان سمة غالبة على السلطة الفلسطينية منذ أن عاد المرحوم ياسر عرفات من المنافي إلى رام الله. وقد سارعت الأطراف المختلفة، من فلسطينية وعربية ودولية، لإقناع أبو عمار بأن يتخلى عن أسلوبه الذي نقله من فتح إلى السلطة الفلسطينية، حيث كان مسؤولا عن كل شيء، من السياسة إلى المال والإعلام والخدمات البلدية. ولهذا الغرض تم اختراع منصب رئاسة الوزراء، ولهذه المهمة كلف عباس الذي تولى الوظيفة خمسة أشهر فقط ثم استقال بعد أن عجز عن التعامل مع أبو عمار المركزي في كل وظائف الدولة. عباس يعيد تمثيل دور أبو عمار من جديد لكن في الزمن الخاطئ تماما.

[email protected]