أهديكم (باقة) كاملة من الزهور والورود

TT

هناك مثل إنجليزي يقول: العامل يغويه الشيطان، والعاطل يغويه ألف شيطان.

الواقع أنني عندما تأملت وتمعنت بذلك المثل، خطر على بالي أن أتساءل:

ترى كم هو عدد ملايين العاطلين في عالمنا العربي، وذلك لكي أضربهم (في ألف) شيطان غواية؟! ولا أشك أن النتيجة سوف تثبت أن لدينا (مليارات) من شياطين الغواية.

إذن فلا عجب أن منطقتنا ترقص على الدوام فوق نيران مشتعلة (!!)، وكان الله في عون الأجيال القادمة من تزاحم الشياطين.

***

عندما انتخب (كيندي) رئيسا للولايات المتحدة، أعلنت زوجته (جاكلين) أنها لن ترتدي إلا ثيابا من تصميم بيوت الأزياء الأميركية طوال فترة إقامتها في البيت الأبيض..

فما كان من صحيفة (باري بريس) الفرنسية إلا أن تضع لهذا الخبر عنوانا يقول:

«مدام كيندي تختار التقشف».

ورغم إعجابي بفرنسا بكل ما فيها من فن وفلسفة ومأكل ومشرب ونساء وحرية، فإن (الغرور) في (جينات) الفرنسيين يعلو ولا يُعلى عليه - وهذه هي مصيبتهم ابتداء من (نابليون) إلى بائعة (الشوكولاته) - ومن بعد (مانشيت) تلك الصحيفة، جرت مياه كثيرة في أنهار بيوتات التصاميم في كل أنحاء العالم، وسحب البساط رويدا رويدا من تحت أقدام الفرنسيين.

وها هي بيوت الأزياء تتكاثر كالفطر، من إيطاليا إلى أميركا إلى أستراليا إلى البرازيل إلى اليابان، وإذا كنت غلطانا بكلامي هذا، أرجو من أي امرأة مشهورة (بالشياكة) أن تصححني، أما المرأة التي لا تفهم (كوعها من كرسوعها) في أصول الأناقة، فأرجوها بكل أدب أن (تخرس) وتغلق فمها الواسع.

***

أهدى لي أحدهم باقة رائعة من الزهور والورود في مناسبة أحد الأعياد، فتركتها عدة ساعات أتأمل بجمالها، وفجأة خطر على بالي أحد الأعزاء الذي يرقد في أحد المستشفيات، فما كان مني إلا أأمر عاملي المنزلي أن يذهب بها على وجه السرعة إلى ذلك المريض ويسلم لي عليه، ويخبره أنها مني.

وفعلا ذهب بها، غير أن المغفل نسي أن يشيل (كارت) المهدي الذي بعث بها لي، والمصيبة أن اسمه كان مكتوبا على ذلك الكارت اللعين، والمصيبة الأكبر أن صاحب الباقة كان في ذلك الوقت حاضرا بالصدفة لزيارة ذلك المريض الذي سأله متعجبا: هل هذه الباقة منك أم من مشعل؟! ولا أدري إلى الآن بماذا أجابه المهدي.

غير أن ذلك العامل عندما رجع لي وأخبرني بكل هبالة بذلك الموقف، استشطت غضبا، وما كان مني إلا أن «أهزئه» وأعطيه درسا في عدم التسرع، ثم خصمت من راتبه الشهري ثلاثة أيام، جزاء له وردعا لأمثاله.

لأنني بصراحة: كله عندي إلا (الغباء).

هل تصدقون أن ذلك المهدي السخيف، من بعدها لم يعد يرسل لي لا باقة ولا حتى تهنئة في أي عيد؟!

صحيح: الناس معادن، هكذا علمتني الحياة.

[email protected]