في (ريبورتاج) قرأته في إحدى الصحف الخليجية، يدور حول ظاهرة بعض الرجال (المرضى نفسيا)، وهم الذين يتوهمون أو يدعون أنهم محط أنظار النساء أينما توجهوا، وكأن دماءهم قد خلطت مجتمعة (بيوسف الحسن مع فالنتينو وألفيس برسلي).
وأكثر ما أعجبني في ذلك التحقيق الميداني هو شجاعة بعض النساء بالحديث عن أزواجهن المرضى دون أن يخفين حتى أسماءهن، فمثلا تحكي (فاتن يوسف) عن حالة زوجها الذي يعمل في شركة دعاية وإعلان وتقول: على الرغم من أن زوجي يتمتع بالصفات الجيدة فإني أشعر بالسأم الكبير من حديثه الدائم عن إعجاب أي سيدة يصادفها أو يعمل معها، فكثيرا ما يتحدث ويقول: «والله لو أفتح المجال كان ما أخلص من البنات»! أو ربما قال لي وهو يأكل تفاحة عبر حديث عابر: «ما في القلب إلا أنت يا فاتن، ولو تعرفين عدد العروض التي تجي من بعض النساء لي لأقيم معهن علاقة، وأنا أصدهن دائما، كان عرفتي إلى أي مدى حبي وإخلاصي لك»، وغيرها من التعليقات التي أوضحت أنها ثقيلة وتشعرها أن زوجها رجل يحمل من الغرور ما يكفي لأن يتوزع على مدينة بأكملها.
أما (ليلى محمود) فهي ترى أن المرأة تستاء كثيرا من حديث الرجل عن إعجاب النساء به، ذاكرة اليوم الذي خرجت فيه معه للسوق وتقول: حينما انتهى التسوق، ما إن ركبت معه في السيارة حتى وجه مرآة السيارة المعلقة إلى وجهه، وأخذ يبلل شفتيه ثم نظر إلي وقال مبتسما: هل رأيت تلك المرأة التي كانت تشتري في الركن النسائي كيف كانت تنظر لي وتلاحقني بنظراتها؟ وحينما نظرت إليه بنظرة حادة وغاضبة علق بقوله: النساء ما عاد فيهن خجل، هن من يبحثن عن الرجل! موضحة أنها مع مرور الوقت أصبحت تستوعب طبيعة زوجها في حبه لإظهار إعجاب النساء به، على الرغم من ثقتها بأنه لا يفعل أمرا يسيء إليها، مؤكدة على أن الرجل يبدي دائما أنه محط اهتمام النساء به، والحقيقة أن النساء لا ينظرن إليه، ولا يفكرن به، وما يعيشه حالة من الوهم لتضخيم الذات بداخله.
هناك أكثر من عشر زوجات تحدثن في هذا الموضوع السخيف عن أزواجهن السخفاء، والمجال لا يتسع لإيرادها كلها.
والحمد لله أنني شخصيا لا أذكر أن هناك أنثى سواء كانت من عالم البشر أو الحيوان على حد سواء، قد نظرت لي يوما بإعجاب، بل إن العكس هو الصحيح، وأكبر دلالة ما حصل قبل عدة أيام عندما لفت بكل أدب نظر سيدة في أحد (المولات) أنبهها إلى أن (فاتورة) مشترياتها قد سقطت منها سهوا دون أن تشعر.
وما إن لحقت بها وخبطت على كتفها بلطف لكي أشعرها بذلك حتى قفزت مفجوعة وصرخت وأخذت (تردح) لي بكلمات من العيار الثقيل التي تحبها قلوبكم، حاولت أن أتفاداها وأعتذر وأمضي إلى حال سبيلي دون جدوى، لأن بعض الرجال من المتسوقين تجمعوا حولنا، وهبّوا لمساعدتها بكل شهامة، وأبسط كلمة سمعتها منهم هي:
(أفا) عليك، عيب والله عيب، أنت ما تستحي؟!
وبعد أن تفرق الجميع، وقفت وحدي مذهولا لعدة دقائق، ثم انحنيت والتقطت الفاتورة من على الأرض ورميتها في أقرب صندوق زبالة.