هواية الوقوع في الحفرة!

TT

يقول ونستون تشرشل في عبارة بليغة ساخرة من عباراته العميقة: «إذا قال سياسي إنني جئت بالجديد فهو في حقيقة الأمر لم يقرأ سطرا واحدا من التاريخ».

والقصد عند تشرشل أن الحاضر والمستقبل تنويعات متكررة على لحن أصيل من الماضي.

ويدعونا تشرشل إلى تدبر التاريخ وفهمه بشكل عميق بغرض استخلاص الدروس والعبر منه بشكل واع، حتى نفهم الأخطاء التاريخية ونتجنبها وندرس عناصر الحكم الرشيد المؤسس لعصور النهضة ونسير على هداها.

التاريخ لم يكتب كي يدرس في المدارس والجامعات وتكتب عنه الأبحاث ودراسات الماجستير والدكتوراه فحسب، ولكن من أجل التعلم واستقراء الدروس للشعوب والحكام والنخب.

في عالمنا العربي هناك مدرسة مذهلة تصر بقوة على التكرار الغبي لسقطات التاريخ.

والمذهل في هذه الحالات أنها لا تعود إلى أزمنة قديمة ترجع إلى قرون وعقود عفّى عليها الزمن، ولكن أحيانا تكون السقطات وتكرارها في ذات العام أو ذات الشهر!

مثلا لم تتعلم الحالة المصرية من الحالة التونسية، رغم أن الفارق شهر!

ولم تتعلم الحالة الليبية من الحالتين التونسية والمصرية رغم أن الفارق شهر، ورغم أنهما يقعان على الحدود الليبية.

ولم تتعلم الحالة السورية من الحالة اليمنية سواء في أسلوب الصدام أو أسلوب التخارج من السلطة عبر اتفاق!

وفي مصر وليبيا وقعت القوى الثورية في ذات الخطأ وهو عدم وجود قيادة معبرة عنها يمكن أن تجلس إلى مائدة مفاوضات من أجل تحقيق المطالب وفق برنامج زمني محدد وواضح.

والمطلوب اليوم من جماعة الإخوان في مصر وحزب النهضة في تونس استخلاص أبعد من تجربة تركيا في النهضة الاقتصادية، وتجربة باكستان في مخاطر نقل السلطة العسكرية إلى سلطة مدنية.

أعرف جيدا أنه لا يمكن استنساخ تجربة من الأخرى، ولكن من لا يعرف كيفية الاستفادة من تجارب الغير يستحق أن يحصل على دكتوراه من السوريين في الغباء!