هل المرأة مزاجية بالفطرة؟

TT

سألت قبل أيام مجموعة من المتدربات في دورة نسائية أقمتها: «هل المرأة مزاجية؟» فرفعت 22 مشاركة أيديهن بالإيجاب وبابتسامات خجلى وكأنني ضربت على الوتر الحساس كما يقال! بينما نفت ذلك متدربتان فقط. وهذه النسبة الساحقة التي تتفق مع فكرة أن المرأة يتقلب مزاجها، في العمل وخارجه، كما يتقلب الليل والنهار تتكرر معي في كل دوراتي عن الحوار والإنصات، وهو مؤشر يعكس أمرا واقعا. بل إن مشاركات قلن إن مزاج المرأة يتقلب أكثر من مرة في اليوم الواحد ولا يجدن سببا لذلك!

ليس هذا فحسب، فالدراسات تشير إلى أن المرأة التي نحاول نحن معشر الرجال التواصل معها بصعوبة أحيانا، إنما يتقلب مزاجها بصورة تفوق تقلب مزاج الرجل بما يزيد على 3 إلى 4 أضعاف مزاج الرجل، بحسب دراسة أميركية.

ولأن المرأة تشكل نصف المجتمع ولا يكاد في هذه اللحظة يخلو حوار في العالم كله من امرأة تشارك فيه تارة كمتحدثة، وأخرى كمستمعة، فقد تعمقت في هذه المسألة في أثناء إعداد كتبي فوجدت فوارق فطرية كثيرة ليست للمرأة علاقة فيها، منها أنها تمر بتقلبات هرمونية مرافقة لدورتها الشهرية تنتج عنها ثلاث مراحل مهمة، الأولى وهي ارتفاع هرمون الأستروجين، والتي أطلق عليها «مرحلة البهجة الحوارية» لأن المرأة تنشط فيها وترتفع معنوياتها ويكون استعدادها للحوار والأخذ والرد مع من يحاورها في أوجه. وتبدأ مرحلة البهجة بعد 5 أيام من نزول الطمث.

وهناك مرحلة ثانية وهي «طغيان هرمون البروجيسترون» المهدئ والمسبب للاسترخاء، وهذا ما يصطلح على تسميته علميا بمرحلة الإباضة التي تبدأ بعد 4 أيام من التبويض. إذ ينخفض فيها الهرمون الرافع للمعنويات (المرحلة الأولى) ويدخل تدريجيا هرمون البروجيسترون الذي يضفي على المرأة نوعا من الهدوء والسكينة بخلاف المرحلة الأولى النشطة. هذه المرحلة الثانية التي تستمر لمدة 14 يوما هي التي يحتفظ فيها جسم المرأة بالماء ولذا تنصح دوما بممارسة الرياضة لتنشط.

أما المرحلة الثالثة فهي فترة الانخفاض الهرموني (نزول الطمث). وفيها يعود جسم المرأة إلى محطة النهاية وانطلاق دورة جديدة وتستغرق 3 إلى 7 أيام.

خلاصة الكلام، أنه ليس مطلوبا من الرجل أن يتعرف على هذه المراحل بسؤال مباشر لزميلته أو قريبته، لكن يتوقع منه أن يدرك أن المرأة يعتريها ما لا يعتري كثيرا من الرجال، وهو ما يؤثر سلبيا وأحيانا إيجابا على مزاجها العام. وهذه ليست نقيصة أو مبررا يشفع للبعض استخدامه ضد المرأة كمنعها من اعتلاء مناصب رفيعة وما شابه. فالمرأة مثل كثير من الرجال الذين يمكن أن ينقلب مزاج أحدهم في لحظة غضب فيصبح أسوأ من ألف امرأة ممن يحتقرها خياله المريض!

مزاج المرأة مثل موج البحر يرتفع ويهبط ولو اجتمعت كل قوى الأرض لن تفلح في وقف هذه الحركة الطبيعية في استمرارية الحياة. والمحاور الذكي هو الذي يدرك كيف ومتى يركب بحر المرأة الذي إن أحسن التعامل معه فسيوصله إلى بر الأمان!

[email protected]