مراجعة الأفكار

TT

لدى الكاتب العظيم جورج برنارد شو عبارة بليغة اتوقف أمامها كثيراً كلما تابعت بحزن وألم أي حالة من حالات الصراع الدائر بين ابناء الوطن الواحد في عالمنا العربي.

يقول جورج برنارد شو «الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يثير رعبي، بينما لا يشكل الأسد الشبعان أي أذى، لأنه ليس لديه أي مذهب أو طائفة أو حزب».

عبارة الكاتب الكبير تؤكد أن آفة السلوك الإنساني بوجه عام على مر التاريخ هي ذلك الولاء الأعمى الذي يصل إلى حد الهوس والجنون لحزب أو طائفة أو مذهب.

هل هذا يعني أن يكون الأنسان مثل الماء لا لون ولا طعم ولا رائحة؟؟ الإجابة بالطبع لا ولكن هناك فارق جوهري بين الحماس المضمون فكرة وبين الوقوع أسيراً لها!

الإيمان بمضمون شيء فكري يجعله قابل للإنصات والحوار حول صلاحية الفكرة، أما الانغلاق الأعمى داخل قالب معين يصرف النظر عن مدى ملائمة ذلك لظروف الزمان والمكان والمتغيرات التي نراها هي كارثة كبرى.

كان جان جاك روسو يقول دائماً أن الإنسان الغير قابل للتغيير الموضوعي، غير قابل للتطور الحضاري.

وفي صعيد مصر، يسمون الرجل المنغلق فكرياً على أنه «راجل قفل» نسبة إلى قفل المزلاج الذي يستحكم على الإنسان فتحه.

صفة «القفل» هذه، هي ببساطة كناية عن عدم القدرة على القبول بالآخر، أو بالفكرة المضادة، أو بالرأي المخالف.

وفي يقيني الراسخ أن أزمة العقل العربي تكمن في «التحجر» وإغلاق باب الاجتهاد القائم على العلوم الحديثة.

أحلم بذلك اليوم بأن أرى على شاشات التليفزيون مسئولاً عربياً يقول: «أعترف بأن السياسات التي أتبعتها كانت خاطئة واليوم أنا على إستعداد لمراجعتها دون خجل».

متى يأتي ذلك اليوم؟