تجربة عمرها 12 عاما

TT

حرص الملك عبد الله بن عبد العزيز على إظهار معاملة خاصة للحكام الشباب الذين وصلوا في مرحلة متقاربة: الملك محمد السادس، والملك عبد الله الثاني، والملك حمد بن عيسى، والرئيس بشار الأسد. مارس دور الأب، وأبلغهم جميعا، بعفويته وطيبته، أنه كان رفيقا للآباء، لكنه سند للأبناء، وأن سياسة السعودية قائمة على قاعدة لا تتغير: استمرارية العلاقة الطيبة، والتغاضي عما شابها من سوء.

هذا في الأفق العربي، أما في الأفق الإقليمي فتولى بنفسه رفع العلاقة مع إيران وتعميقها، وجعلها تقوم على الطمأنينة المشتركة، وعلى الصعيد الدولي سافر إلى الصين، وكان أول من هنأ نيكولا ساركوزي، وحضر قمة العشرين ليؤكد لأهلها أن السعودية سوف تقوم بدورها كاملا في دعم النظام العالمي والاستقرار الدولي.

في كل هذا المشهد السياسي الشامل، بدا واضحا للجميع أن الرجل الذي قال للسعوديين: «أنا من دونكم لا شيء»، خص سوريا ورئيسها بمعاملة واضحة، وبلغت هذه المعاملة ذروتها عندما تجاهل قول بشار الأسد عن «أشباه الرجال» ومضى في قمة الكويت يقيم المصالحات بنفسه، متناسيا الناس، متجاهلا الأصول، مترفعا عن الضغينة، فهي ليست للكبار.

لم يكن هناك شيء خاص تريده السعودية من سوريا، كانت هناك مجموعة قضايا عربية عامة، كما كان هناك بالدرجة الأولى الاستقرار العربي، وهكذا تعامل مع سوريا وكأن القضية وجدانية ذاتية، فسلم متابعة القضايا إلى نجله، الأمير عبد العزيز، ومن ثم عاد فتوج كل ذلك بزيارة شخصية إلى دمشق، حيث رافق الرئيس بشار الأسد إلى بيروت، على أساس أنها مسك الاتفاق حول تعقيدات وتداعيات الشأن اللبناني.

لم تمض أيام قليلة حتى كان الأسد يرمي جانبا بآخر الاتفاقات، ورافق ذلك حملة من المتحدثين باسم سوريا على كل ما هو سعودي، بما في ذلك العباءة النسائية، وبعد خذلان سعد الحريري في دمشق، وإسقاط حكومته ونفيه غير المعلن، بدأت في سوريا نفسها الأحداث المستمرة إلى اليوم. مرة أخرى حاولت الرياض لفت دمشق إلى ضرورة الحل الأهلي خوفا من الوصول إلى حرب أهلية.

مرة أخرى كانت النتائج واحدة، لذلك عندما رفض الملك عبد الله وساطة الرئيس الروسي لم يكن في ذهنه أحداث عمرها عام، كان في قلبه حرقة عمرها 12 عاما.