أمة ديجيتال

TT

ربما أكون قد أعطيت انطباعا خاطئا لكثرة ما كررت عن سوء علاقتي بالأرقام، وهو أنني مسرور بذلك. الحقيقة أنني أشعر بالخجل والنقص. ولطالما شعرت أيضا باليأس عندما كنت على مر السنين أحاول.. وبقيت لا حول ولا قوة.

أزداد شعورا بالإحباط والنقص واليأس كلما خطر لي تأمل رقم عربي ما. وأنا لا أتعدى على الأرقام ولا أذهب إليها، بل تأتي إليّ، مع سائر مواطني الأمة، مع عناوين الصحف والصورة الإخبارية، وخصوصا منها صور الاقتراعات. فنحن، كما تعرفون، لا نقبل شيئا من دون استشارة الشعب والأخذ برأيه والوقوف على خاطره. وإذا اضطر الأمر المشي في جنازته أيضا.

فلنعد إلى الحسابات: شاهدتم جنابكم وشاهدنا طوال مسلسل الأزمة اليمنية منظرا يوميا؛ مليون مع سيادة الأخ القائد، ومليون مع ذهابه. مليون ونصف في صنعاء يؤيدونه، ومليون ونصف على الطريق للاعتصام ضده. ومليون في تعز ضده دون مليون معه. ومشهد جماهيري في الحديدة. وأما عدن فما أدراك ما عدن، يا أخي في عدن، أخي في لحج، أخي في المكلا، التي غنى لها الراحل فهد بلان: «يا بنات المكلا، يا دوا كل علة».

فلنعد إلى الحسابات: وفقا لخطابات وتصريحات مقابلات الأخ سيادة الرئيس علي صالح، فإن «أكثرية» الشعب معه. والدليل.. إليكم الدليل: مليون يمني ينامون ويأكلون ويشربون على أكتاف القصر الجمهوري.

كلما وصل أمين عام مجلس التعاون إلى عاصمة اليمن ظهرت ألوف تحمل يافطات الرئيس: «لا تتركنا في بحر هائج». «لا يمن من دون يمناك». إذن، في نتيجة الحسابات الأولية، تكون أكثرية الشعب اليمني الفائق السعادة مع حكم الرئيس وديمقراطيته وتمسكه بالدستور.

انطلاقا من إيمانه العميق بالدستور والديمقراطية والتناوب على السلطة، دعا إلى انتخابات عامة لاختيار رئيس جديد. ووفق جميع الأصول رشح نائبه، وانصرف اليمنيون إلى فرز النتائج.. «هنا برلين، حي العرب»، كان يقول يونس البحري من إذاعة برلين خلال الحرب.

إذن؟ إذن، يا مولاي فاز سيادة النائب بأكثرية 98 في المائة. أين ذهب معارضو صنعاء وعدن وتعز؟ وهل هذه هي الأكثرية كما تخيلها صالح؛ 98 في المائة؟ العرب ليسوا ظاهرة صوتية، كما قال عبد الله القصيمي. إنهم ظاهرة رقمية. ديجيتال بلغة العصر.