مخافة الله عند الحاكم!

TT

عندي بعض الأسئلة الغريبة العجيبة التي تؤرقني بشكل خاص، مما يدفعني في بعض الأحيان إلى أن أسأل نفسي: هل هناك عيب ما في خلايا عقلي الذي يزعجني ويزعج غيري دائما؟!

من ضمن هذه الأسئلة ذلك السؤال حول كيف يذهب الحاكم الديكتاتور القاتل المستبد إلى فراشه كل ليلة، وكيف يعرف النوم طريقه إليه من دون أي تأنيب للضمير ومن دون صراع أو مراجعة أو لوم للنفس!

أستطيع أن أسمع الآن صراخ بعضكم وأنتم تقرأون ما أكتب هاتفين «يا راااجل.. هل هذا هو ما يزعجك؟.. ألا تعرف الإجابة عن هذا السؤال؟!».

قد يقول أحدكم إن بعض الحكام قد ذهبوا إلى الطبيب لإجراء عملية استئصال للضمير، بمعنى أنهم لم يعودوا ينزعجون من أوامر القتل اليومي أو استخدام الصواريخ ضد شعوبهم، أو مدفعية الميدان ضد المواطنين، أو الاعتقال على الهوية، أو اختطاف المعارضين والزج بهم في غياهب السجون من دون تحقيق أو مساءلة قانونية!

وقد يقول قائل «كل حاكم مستبد بجانبه العشرات من مستشاري السوء الذين باعوا ضمائرهم للشيطان كي يعطوه التبريرات المنطقية التي يتم إضفاء الصبغة الأخلاقية عليها، بل أيضا الفتاوى الدينية، لإقناعه بأن ما يقوم به هو من الضرورات الواجبة لحماية الدولة والوطن والشعب والدين من القلة القليلة الفاسدة المخربة»!.. ورؤيتي المتواضعة البعيدة عن عمق الرؤية السياسية هي أن الإنسان، أي إنسان، قبل أن يكون حاكما أو محكوما، وقبل أن يكون ذا سلطان أو مجردا من أي سلطة، هو في البداية والنهاية عبد مسؤول أمام خالقه.

إذا أدرك هذا الإنسان عبوديته للخالق، أدرك أيضا ضرورة مخافته لهذا الخالق العظيم، وأصبحت مسألة مخافة الله هي القضية المركزية التي يدور حولها كل قرار في حياة الإنسان.

أما المستبد الطاغية الذي يقتل النفس البشرية التي حرم الله المساس بها، فهو والعياذ بالله ناكر تمام الإنكار ليوم الحساب العظيم أمام رب العرش المطلع على كل شيء والذي لا يغفل ولا ينام.

من لا يخاف الله، لا خطوط حمراء أخلاقية أمامه.. من لا يخاف الله من الحكام لم يمعن في قراءة أي كتاب سماوي، ولا حديث نبوي.

إنني أتوقف كثيرا هذه الأيام وأنا أتابع نشرات الأخبار حول أوضاعنا العربية أمام الحديث القدسي القائل «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا».. هل قرأه أحد من الحكام القتلة؟!