هل يستحق الشعب العراقي تعويضات؟

TT

في العراق لا حديث الآن الا عن المصفحات التي أقرها مجلس النواب العراقي لأعضائه ضمن موازنة 2012، والتي بلغت 100 مليار دولار، أخذ منها 60 مليونا لهذه المصفحات. وشغلت المصفحات الرأي العام العراقي، وغطت أخبارها وتفصيلاتها على كل حدث عراقي.

وجاء إقرارها من قبل مجلس النواب بأغلبية 200 صوت، رغم أن كل الكتل السياسية تؤكد أنها رفضتها، لكن السؤال هو إذا تم رفضها من كل هذه الكتل التي أصدرت بيانات فمن يا ترى أقرها؟

ولكوني عراقيا أتابع قضايا بلدي ميدانيا وإعلاميا، فإنني تسلمت أكثر من رسالة صريحة أراد مجلس النواب إرسالها للمواطن العراقي عبر السيارات المصفحة؛ أولى هذه الرسائل أن عام 2012، والذي يليه سيكون عاما حافلا بالإرهاب والعمليات الإرهابية، وهذا ما دعا مجلس النواب لتوفير الحماية اللازمة لأعضائه، وكان بالإمكان شراء هذه المصفحات تحت أي بند وتبويب، دون إعلان ذلك على الملأ. والإعلان في حد ذاته يمثل رسالة ثانية مفادها أننا في مجلس النواب لا نهتم بأمور الشعب وكل اهتمامنا ينصب في توفير أقصى حماية لنا وتحصين أنفسنا من الهجمات الإرهابية التي قد تتحول بوصلتها في يوم ما تجاه أعضاء مجلس النواب، وهذا ما لا نتمناه لأحد.

الرسالة الثالثة وهي الأخطر وأتمنى أن أكون مخطئا في استنتاجها، مفادها أن المرحلة تتطلب مصفحات وسط الصراع القائم بين الكتل السياسية، والتي فشلت حتى الآن في جر البلد لحرب أهلية تعيد إنتاج الطائفية التي غادرها الشعب العراقي ولكنها بقيت موجودة في عقلية السياسي العراقي، ووجودها يعني أن هناك صراعا دمويا قد يحدث بين شركاء العملية السياسية، وهذا ما جعلهم يعدون العدة ويجهزون ما يحتاجونه، خاصة أن الصفقة المصاحبة للسيارة هي مسدسات وبنادق متطورة، أي أدوات حرب لا تشريع.

وهذا ما جعل بند المصفحات في الموازنة الاتحادية مهما جدا وملزما في نفس الوقت ومحددا بمبلغ، وربما يقول البعض إن الموازنة أيضا منحت الشعب العراقي 25 في المائة من زيادة إيرادات النفط المتحققة بعد سد عجز الموازنة البالغ أكثر من 13 مليار دولار وما يزيد يؤخذ ربعه ويقسم على الشعب العراقي بالتساوي، ولا فرق بين مواطن وآخر، كلام جميل ومنطقي ويحمل نيات صادقة، ولكنه ليس مضمونا، بحكم تباين أسعار النفط من جهة، وتباين الإنتاج من جهة أخرى، وكان الأجدر أن يكون هناك بند في الموازنة يقول: يخصص مبلغ 60 مليون دولار من فائض الموازنة لشراء سيارات مصفحة للسادة النواب! لم يكن هذا مقبولا من النواب أنفسهم، ولكنهم قبلوه للشعب ووعدوه بتوزيع أرباح غير معلومة وغير مضمونة.

لهذا، أنا كعراقي أجد من الضروري جدا أن يكون هناك بند ثابت في كل موازنة عراقية يؤكد توزيع 1 في المائة من عائدات النفط السنوية للشعب العراقي، و1 في المائة باليد خير من 25 في المائة في علم الغيب أو على الشجرة، كما يقولون.

ونسبة 1 في المائة تعني مليار دولار في موازنة 2012 توزع على 30 مليون عراقي بالتساوي، وتكون حصة المواطن السنوية 35 دولارا، وهي بالتأكيد أكثر من الموعود به في قانون الموازنة، لأن هذا المبلغ البسيط مضمون ومكفول، بينما الآخر لا أحد يضمنه أو يكفله، والسبب يكمن في أننا نحتاج لسد عجز الموازنة، والفائض نأخذ ربعه، أي نحتاج لكي نصل الى 35 دولارا أن يكون الفائض17 مليارا، والعجز 13 مليارا، والباقي 4 مليارات، وربعها مليار واحد، فهل هذا سيتحقق؟

وأعتقد أن الشعب العراقي يستحق أن يكون له مورد سنوي ثابت من عائدات النفط مهما كان هذا الرقم، فهو يخضع لزيادة الإنتاج والأسعار، خاصة أن موازنة العراق يستقطع منها سنويا 5 في المائة تدفع تعويضات لدولة الكويت بموجب قرارات أممية، والشعب العراقي هو الآخر أكبر ضحايا الديكتاتورية ويفترض أن تدفع له مستحقات ما قدمه من تضحيات كبيرة ومؤلمة ويثبت ذلك كبند رئيسي غير قابل للنقاش في كل موازنة للبلد.