أعطهم الأدوات لينجزوا المهمة

TT

في حديث مع أحد الإعلاميين الإنجليز المتخصصين في ميدان الشرق الأوسط، بعد عودته من واشنطن حيث التقى ببعض المسؤولين الأميركان عن شؤون الشرق الأوسط، قال لي إنه وجدهم في حيرة من أمرهم، غير واثقين في أي جهة يتوجهون بالنسبة لمشكلة سوريا. وهي الحيرة التي يشاركهم فيها الكثير من الليبراليين واليساريين منا. يتمنون دعم الديمقراطية والإصغاء لشعوب المنطقة من ناحية، ومن الناحية الأخرى يخشون وقوعها في قبضة الإسلاميين والأصوليين. بيد أن الأزمة في سوريا تجاوزت الآن مرحلة هذه الحيرة، بعد كل هذه الدماء التي سالت في شوارع حمص وحماه وحلب وكل المدن السورية تقريبا. هناك إجماع وقرارات صادرة تؤكد ارتكاب النظام جرائم ضد الإنسانية. كيف يمكن للعالم أن يسمح لمتهمين بجرائم كبرى بأن يفلتوا من العقاب بل ويستمروا في الحكم وكأن أي شيء لم يحدث؟ كيف سيستطيع الغرب أن يتعامل معهم ويتبادل علاقات دبلوماسية مع مجرمين ويمد رؤساؤه أيديهم ليصافحوا أيديا ملطخة بالدماء؟

هذا هي زبدة ما توصل إليه ساسة الغرب عندما أخذوا يصرحون لا بد من تنحي بشار الأسد وعصابته من الحكم. ولكنه لن يتنحى بملء إرادته، فهو الآن كما يبدو لي قد أصبح أسيرا في قبضة عشيرته. لا سبيل للإطاحة به دون استعمال القوة. فالنظام الذي يمنع حتى الهلال الأحمر من المرور لدفن الموتى وإسعاف الجرحى، لا يعبأ بعدد القتلى. لم يبق وقت للإدارة الأميركية لتواصل حيرتها يوما بعد يوم.. فيوما بعد يوم يتساقط الأبرياء وتتعالى الأرقام وتتضاعف. كم من الرجال والنساء والأطفال يجب أن يموتوا قبل أن تقدم الولايات المتحدة وقوى «الناتو» على اتخاذ القرار بحماية من بقى من الأحياء في حمص وحماه؟

وبلسان من قضى ومن بقي، دعونا نعيد لأسماع الرئيس الأميركي تلك الكلمات التاريخية الخالدة التي نطق بها ذلك القائد الفذ ونستون تشرشل عندما وجدت بريطانيا نفسها وحيدة وضعيفة وينقصها السلاح في حين تدك طائرات هتلر مدنها وتحصد دباباته جنودها في دانكرك، والرئيس الأميركي، ثيودور روزفلت يلبس قميص الرئيس أوباما، يتردد مرتبكا ويتحير في دعمها وتزويدها بالسلاح، فمسك تشرشل المذياع وخاطب الرئيس الأميركي عبر الأثير، من شرقي الأطلسي لغربيها بتلك الكلمات الخالدة: «Give us the tools to finish the job» (أعطنا الأدوات لننجز المهمة!).

فيا رأس أكبر قوة رئيسية، ووريث خير من وقف بجانب الإنسان وتحرر الإنسان وحقوق الإنسان، أبراهام لنكولن وولسن وروزفلت وكارتر وجون كيندي، ضع ثقتك بأبناء سوريا وبعقولهم ونضوجهم وآدميتهم وصدق نياتهم، ولن يخذلوك. مد يدك إليهم. امددهم بالسلاح، واحمهم بطائراتك وستجد الله معك، وستجد بفعلك هذا قلوب كل شعوب المنطقة بمسلميها ومسيحييها وموسوييها تنشد إليك راضية مرضية.