الأسد يتلقى عرضا بخروج مشرف

TT

صرح البيت الأبيض قبل أيام بأن الولايات المتحدة لا تحبذ التدخل العسكري في سوريا، وأنها تفضل بدلا من ذلك ممارسة مزيد من الضغوط على نظام بشار الأسد ومحاولة فرض العزلة عليه حتى يتوقف عن هجومه على شعبه.

ولم يكن هذا مجرد رد من الرئيس الأميركي باراك أوباما على السيناتور جون ماكين، الذي قال في الخامس من مارس (آذار)، إن الولايات المتحدة قد تدرس شن ضربات جوية لإزعاج دمشق - على غرار ما تم تطبيقه بالبلقان في تسعينات القرن الماضي - بل كان هذا ردا غير مباشر على روسيا (والصين أيضا)، اللتين تعارضان صدور أي قرار من مجلس الأمن بشأن سوريا نتيجة مخاوف من أن يؤدي هذا إلى عملية عسكرية على غرار ما حدث في ليبيا العام الماضي، ويشمل هذا مقترح «الممر الإنساني» الذي سيستلزم على الأقل وجود حماية مادية للمساعدات.

ويبدو حث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام على مد ممر إنساني فوري قبيل التصريح الذي أعلنته الولايات المتحدة بمثابة دعوة للمجتمع الدولي لكي يقوم بتعزيز المساعي الدبلوماسية، بدلا من أن تقدم تركيا أي خطة ملموسة لضمان إمكانية وصول المساعدات إلى الشعب السوري عبر الأراضي التركية. وتعتبر تركيا أيضا جزءا من المساعي الدولية الرامية إلى إجبار بشار الأسد على وقف ممارساته التي يقوم بها منذ قرابة العام، مع تحبيذ تنازله عن السلطة من أجل مصلحة بلاده، وهو ما من شأنه أن يفي بالمطالب الروسية أيضا في ما يتعلق برغبتها في عدم السماح بسقوط النظام.

وكجزء من تلك المساعي الدولية التي تبذلها جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، من المقرر أن يذهب كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، إلى دمشق في العاشر من مارس (آذار)، في نفس اليوم الذي يلتقي فيه سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، نظراءه بجامعة الدول العربية في القاهرة.

وقالت جريدة «حرييت ديلي نيوز» التركية نقلا عن مصادرها، إن عنان سيقدم عرضا يكفل نوعا من الخروج المشرف لبشار الأسد من أجل إنهاء الأزمة والمأساة الإنسانية التي تجري في بلده. وتعتبر الرسالة التي بعث بها نائب وزير الشؤون الخارجية الصيني، زاي جون، قبل أيام إلى دمشق خطوة من أجل تهيئة الأسد للعرض الذي سيقدمه عنان.

يأتي هذا بالتوازي مع العرض الذي سبق أن قدمه الرئيس التركي عبد الله غل الأسبوع الماضي، حين اقترح «النموذج اليمني» على بشار الأسد، وهو ترك السلطة لنائبه.

وأظهرت رسالة الأسد قبل أيام أنه يجد بعض الصعوبة في تقبل الأمر، فتعهده بـ«سحق الإرهابيين» مع تطبيق مزيد من الإصلاحات يعطي مؤشرات مختلطة إلى العالم الخارجي.

ومع ذلك، منح التغير في الموقف الأميركي قبل أيام بشار الأسد فرصة أخرى لإنقاذ بلاده وشعبه من مزيد من الدماء والعزلة، وما زال الأسد يمتلك مساحة للمناورة، ولديه فرصة للوصول إلى خروج مشرف ومهلة لإعادة النظر في موقفه، وعليه أن يستغل ذلك قبل فوات الأوان، من أجل مصلحة المنطقة المحيطة بأكملها أيضا.

يذكر أن هذه الرسالة التي بعث بها أوباما إلى سوريا تنطبق أيضا بشكل أو بآخر على إيران (وإسرائيل كذلك)، حيث لا يرغب في جر الولايات المتحدة إلى صراع عسكري آخر - على الأقل حتى نهاية الانتخابات خريف العام الجاري.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية